لإحراز الواقع ، وإذا كانت كذلك فهي مقتضية في المثال لاعتبار السائل المشكوك الخمريّة خمرا في مرحلة الظاهر ، فلو كان خمرا واقعا لما كان للبيّنة سوى دور الإحراز والوسطيّة في إثبات الواقع ، ولو لم يكن خمرا واقعا إلاّ أنّه لم ينكشف لنا خلافه فإنّ البيّنة أنتجت اعتباره خمرا في مرحلة الظاهر ، وهذا هو معنى التوسعة ، إذ أنّ البيّنة وسّعت دائرة الخمر الواقعي فاعتبرت مشكوك الخمريّة خمرا ولكن في مرحلة الظاهر أي في ظرف الشكّ.
وهذا يقتضي أنّ الواقع لو انكشف بعد ذلك وكان على خلاف ما اقتضته البيّنة فإنّ اعتبار خمريّة هذا السائل يصبح ساقطا.
وهكذا لو أخبر الثقة عن نجاسة عرق الجنب من الحرام فإنّ ذلك يكون من الحكومة الظاهريّة الموسّعة من دائرة المحمول ( الحكم ). وذلك لأنّ دليل الحجّيّة لخبر الثقة يقتضي اعتبار خبره وسيلة لإحراز الواقع ولمّا كان كذلك فهو يقتضي في المثال التوسعة من دائرة الحكم ، إذ أنّ ثبوت النجاسة لعرق الجنب إمّا أن يكون ثابتا واقعا فخبر الثقة عندئذ سوف لن يكون له سوى دور الوسطيّة في الإثبات والإحراز للواقع ، وإذا لم يكن عرق الجنب نجسا واقعا ولم يكن قد انكشف ذلك لنا فإنّ خبر الثقة يكون مقتضيا لاعتبار ثبوت النجاسة ولكن في مرحلة الظاهر ، ولذلك لو انكشف الواقع فإنّ هذا الاعتبار يكون ساقطا.
* * *
٣١٢ ـ الحكومة بملاك الرفع
والمقصود من هذا النحو من الحكومة هو ان يتكفّل أحد الدليلين لرفع الموضوع في الدليل الآخر من غير أن يكون للدليل ـ الرافع لموضوع الحكم في الدليل الآخر ـ نظر للدليل الآخر لغرض شرحه وتفسيره ، بمعنى انّ المناط في حاكميّة أحد الدليلين على الآخر هو كونه صالحا لنفي موضوع الدليل الآخر دون أن يناط ذلك