وتلاحظون انّ هذين الدليلين قد تصرّفا في نفس الحكم في الأدلّة المحكومة حيث انّ المنفي في هذين الدليلين هو الحكم ، فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « لا ضرر » معناه لا حكم ضرري مجعول على المكلفين وكذلك قوله لا حرج معناه لا حكم حرجي مجعول من المولى جلّ وعلا. ومن هنا كانت الحكومة في هذين المثالين من نحو الحكومة المتصرّفة في عقد الحمل.
واتّضح ممّا ذكرناه تقريب الضابطة التي ذكرها السيّد الخوئي رحمهالله للتعرّف على انّ الدليل الثاني ناظر للدليل الاول ، إذ لا معنى لتصدّي المولى لنفي الحكم الضرري والحرجي لو لم يكن هناك أدلّه تقتضي ثبوت الأحكام حتى في موارد الضرر والحرج.
* * *
٣١٤ ـ أصالة الحل
وهي من الأصول العمليّة المؤمّنة ، والتي تنفي المسئولية تجاه الفعل المشكوك الحرمة ، ويمكن تصوير جريانها في موارد الشك بنحو الشبهة الحكميّة كما يمكن تصوير جريانها في موارد الشك بنحو الشبهة الموضوعيّة.
أما تصوير جريانها في الشبهة الحكميّة فهو انّه متى ما وقع الشك في جعل الحرمة على شيء أو عدم جعلها له نتيجة فقدان الدليل الاجتهادي أو تعارض ما يدل على الحرمة مع ما يدل على الحليّة وعدم وجود المرجّح والبناء على التساقط في مثل هذا الفرض ، أو نتيجة اجمال الدليل ، ففي تمام هذه الفروض يكون المجرى هو أصالة الحلّ بمعنى انّ الحكم الظاهري الثابت للفعل المشكوك حكمه من حيث الحليّة والحرمة هو الحلية ، ومثاله ما لو وقع الشك في حكم أكل لحم الأرنب.
وأمّا تصوير جريانها في الشبهة الموضوعيّة فهو ما لو كان الشك ناشئا عن اشتباه الامور الخارجيّة ، كما لو شك المكلّف في شخص سائل وانّه سائل خمري أو هو خلّ ، فإنّ هذا النحو من الشك يؤول الى الشك في