٣٢١ ـ الخبر الحسّي والخبر الحدسي
ينقسم الخبر بلحاظ مضمونه إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأوّل : يعبّر عنه بالخبر الحسّي ، وهو الذي يكون مضمونه مدركا بواحد من أدوات الحسّ كالبصر والسمع على أن يتمّ إحراز تلقّي المخبر له بالوسائل الحسّيّة. فقد يكون مضمون الخبر قابلا لأن يدرك بالحسّ إلاّ أنّ المخبر لم يكن قد تلقّاه كذلك وإنّما حدسه حدسا.
ومثال ذلك الإخبار بموت زيد ، فإنّ هذا المضمون قابل لأن يدرك بالحسّ ، فلو أحرزنا حينئذ أنّ المخبر به قد تلقّاه بواسطة الحسّ فإنّ الخبر يصبح عندئذ حسّيّا ، وأمّا لو أحرزنا أنّه تلقّاه بغير ذلك ، كما لو سمع البكاء في بيت زيد فعلم أنّه قد مات ، فلو أخبر اعتمادا على ذلك فإنّ هذا الإخبار لا يكون حسّيّا.
القسم الثاني : ويعبّر عنه بالخبر الحدسي ، وهو الذي تمّ تحصيله للمخبر عن طريق إعمال الفكر واجتهاد الرأي ، فسواء كان مضمون الخبر قابلا لأن يدرك بالحسّ أو لم يكن كذلك فالخبر يكون حدسيّا إذا تمّ تحصيله عن طريق الاجتهاد والاستنباط.
ومثال ذلك الإخبار عن تمدّد مطلق الحديد بالحرارة فإنّ هذا المضمون لا يكون قابلا للإدراك الحسّي ، وذلك لأنّ مشاهدة تمدّد الحديد بالحرارة وإن كان متاحا في بعض الأفراد إلاّ أنّ ملاحظة جميع أفراد الحديد ، وهي تتمدّد بالحرارة غير ممكن خصوصا وأنّ الإطلاق في الخبر يقتضي الشمول لما تلف من الحديد في الزمان الماضي ولما سيكون في مستقبل الزمان ، وذلك غير ممكن عادة ، فلا بدّ وأن يكون الإطلاق قد اعتمد على مثل أنّ حكم الأمثال فيما يجوز وما لا يجوز واحد ، أو على أنّ الصدفة لا تكون أكثريّة ، وهذا معناه اعتماد الاجتهاد وسيلة في تحصيل الخبر ، ولذلك يكون مثل هذا الخبر حدسيّا.