افتراض انتفاء موضوع التكليف والذي هو مناط الفعليّة. وهكذا عند ما يكون المكلّف غائبا فإنّ ذلك يساوق عدم التفاته وهو ما يقتضي انتفاء الفعليّة عن ، إذ هي منوطة بالتفات المكلّف.
وأمّا لو كان المراد من التكليف هو الحكم بمرتبة الجعل والإنشاء فلا ريب في امكانه بعد أن كان الحكم بمرتبة الجعل والإنشاء مجعول على الموضوع المقدّر الوجود ، فأيّ محذور في أن يعتبر المولى الحكم على المكلّف المقدر الوجود والذي هو الموضوع ، وعندها تكون فعليّة التكليف منوطة بوجود المكلّف.
وأمّا المورد الثاني فكذلك لا معنى لوقوع النزاع فيه ، إذ لو كان المراد من توجيه الخطاب للغائبين والمعدومين هو مخاطبتهم حقيقة وبقصد التفهيم فهو مستحيل ، إذ انّ مخاطبة العاقل لغير الملتفت بقصد التفهيم غير معقولة لو كان ملتفتا الى غفلة المخاطب فتكون عدم معقوليّة مخاطبة الغائبين والمعدومين أوضح.
نعم لو كان الغرض من الخطاب هو قصد التفهيم ولكن حين وصول الخطاب للغائب أو المعدوم لا حين صدوره الخطاب من المتكلّم فإنّ ذلك ممكن بلا ريب ، فلا محذور في ان يقصد الكاتب من خطابه المكتوب تفهيم المخاطب بمضمونه حين وصول الخطاب اليه.
وأمّا لو كان المراد من مخاطبة الغائبين والمعدومين ابراز الحسرة والتأسف أو العجز أو أي قصد لا يتصل بقصد التفهيم فإمكانه أوضح من أن يخفى ، وبذلك يتعيّن مورد النزاع في الثالث.
وهو البحث عمّا وضعت له أدوات الخطاب ، فهل هي موضوعة لإفادة الخطاب الحقيقي والذي يعني توجيه الخطاب بقصد التفهيم ، أو هي موضوعة للخطاب الإنشائي والذي يعني إنشاء الخطاب بداع من الدواعي كما هو الحال في انشاء الاستفهام وانشاء التمنّي.