حرف الدال
٣٣٠ ـ دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة
والمدعى انّ هذه القاعدة من القواعد العقلائية والتي يستكشف إمضاء الشارع لها بواسطة عدم الردع عنها رغم استحكامها في المرتكزات العقلائيّة والجري على وفقها في شئونهم اليوميّة ، فعدم التصدي للردع عنها لو لم تكن متناسبة مع المتبنيات الشرعية يهدّد بانسحابها الى الشئون الشرعيّة ، وهذا ما ينافي حكمة الشارع لو لم تكن متناسبه مع أغراضه ممّا يعبّر عدم الردع عن امضائه لهذه القاعدة ومناسبتها لأغراضه ومتبنياته ، وبهذا يصحّ الاستناد إليها في الشئون الشرعيّة.
هذا هو أقصى ما يمكن أن تقرّر به حجيّة هذه القاعدة ، وقبل التعرّف على تماميّة هذه الدعوى أو عدم تماميّتها لا بدّ من البحث عن حدود هذه القاعدة. وهنا مجموعة من الاحتمالات :
الاحتمال الاول : انّ هذه القاعدة مطردة في تمام الحالات التي يدور فيها الأمر بين دفع المفسدة وجلب المصلحة ، أي سواء كانت المفسدة أقوى من المصلحة أو كانت المصلحة هي الأقوى ، فدفع المفسدة دائما هو المقدّم مهما تعاظمت المصلحة المقابلة لها ومهما تضاءلت المفسدة المنافية لجلب المصلحة ، من غير فرق بين أن يكون متعلّق الدوران فعلا واحدا ، كما لو كان الفعل مشتملا على مصلحة