لاستلزام حركة الأرض زوالها عن مواضعها وحينئذ يكون علة السكون هي الجبال الموجودة في الماء لا ما خلقت في الربع المكشوف من الأرض ولعله خلاف الظاهر في معرض الامتنان بخلق الجبال وهو خلاف الظاهر من قوله تعالى « وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ مِنْ فَوْقِها » والقول بأن ما في الماء أيضا فوقها فلعل المراد تلك الجبال لا يخلو عن بعد مع أنها ربما كانت معاونة لحركة الأرض كما إذا تحركت كرة الماء بتموجها بأجمعها أو تموج أبعاضها المقاربة لتلك الخشونات وإنما يمانعها عن الحركة أحيانا عند حركة أبعاضها وإما لممانعة الأجزاء الهوائية المقارنة للجبال الكائنة على الربع الظاهر فكانت الأوتاد مثبتة لها في الهواء مانعة عن تحريك الماء بتموجه إياها كما يمانع الجبال المخلوقة في الماء عن تحريك الرياح إياها وحينئذ يكون وجود الجبال في كل منهما معاونا لحركة الأرض في بعض الصور معاوقا عنها في بعضها ولا مدخل حينئذ لثقل الجبال وتركبها في سكون الأرض واستقرارها والذي يظهر من قوله لأن الجرم البسيط إلخ أن البساطة توجب حركة الأرض إما بانفرادها أو بمشاركة عدم الخشونة ولعله استند في ذلك إلى أن البسيط تتساوى نسبة أجزائه إلى أجزاء المكان وإنما الطبيعة تقتضي انطباق مركز الثقل من الأرض على مركز العالم على أي وضع كان والماء لا يقوى على إخراج الكرة عن مكانها نعم يحركها بالحركة المستديرة بخلاف المركب فإنه ربما كان بعض أجزائه مقتضيا لوضع خاص كمحاذاة أحد القطبين مثلا حتى تكون الفائدة تحصل بتركب بعض أجزاء الأرض وإن لم يكن هناك جبل وارتفاع فلا يكون الامتنان بخلق الجبل من حيث إنه جبل بل من حيث إنه مركب إلا على تقدير كون المراد أن المقتضي للسكون هو الحالة المركبة من التركب والتضريس والظاهر من وصف الجبال بالشامخات في الآية مدخلية ارتفاعها في هذا المعنى إلا أن يكون الوصف لترتب فوائد أخر عليها وحينئذ لا مدخل لثقل الجبال في سكون الأرض كما يظهر من قوله أخيرا فكل واحد من هذه الجبال إنما يتوجه بطبعه إلى مركز العالم وتوجه ذلك الجبل نحو مركز العالم بثقله العظيم وقوته الشديدة يكون جاريا مجرى الوتد الذي يمنع كرة الأرض من الاستدارة ومع ذلك لا ينفع في نفي