واجتمعت إليه بطون الأوس ، وكان بين الأوس والخزرج عداوة ، فلميجسروا أن يأتوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما كان بينهم من الحروب ، فأقبل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتصفّح الوجوه فلا يرى أحداً من الخزرج ، وقد كان قدم على بني عمرو بن عوف قبل قدوم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ناسٌ من المهاجرين ، ونزلوا فيهم.
وروي : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا قدم المدينة جاء النساء والصبيان يقلن :
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع |
|
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع |
وكان سلمان الفرسيّ عبداً لبعض اليهود ، وقد كان خرج من بلاده من فارس يطلب الدين الحنيف الذي كان أهل الكتاب يخبرونه به ، فوقع إلى راهب من رهبان النصارى بالشام فسأله عن ذلك وصحبه فقال : اُطلبه بمكّة فثم مخرجه ، واطلبه بيثرب فثمّ مهاجره.
فقصد يثرب فأخذه بعض الأعراب فسبوه واشتراه رجلٌ من اليهود ، فكان يعمل في نخله ، وكان في ذلك اليوم على النخلة يصرمها (١) ، فدخل على صاحبه رجلٌ من اليهود ، فقال : يا ابا فلان أشعرت أنّ هؤلاء المسلمة قد قدم عليهم نبيّهم؟
فقال سلمان : جعلت فداك ، ما الذي تقول؟
فقال له صاحبه : مالك وللسؤال عن هذا ، أقبل على عملك.
قال : فنزل وأخذ طبقاً وصيّر عليه من ذلك الرطب فحمله إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
____________
(١) الصرام : جداد النخل ، أي قطع الثمرة واجتناؤها من النخلة. «انظر : لسان العرب ١٢ : ٣٣٦».