فأقبل فرعون على أصحابه وقال لهم : زعمتم أنّ موسى وهارون سحرا بنا و أريانا بالسحر أنّهم يأكلون من طعامنا فلم يأكلوا من طعامنا شيئاً وقد خرجا وذهب السحر ، فأجمعوا ممّا قدرتم عليه على الطعام الباقي يومهم هذا ومن الغد لكي يتفانوا (١) ففعلوا ، وقد أمر فرعون أن يتّخذ لأصحابه خاصّة طعام لا سمّ فيه فجمعهم عليه ، فمنهم من أكل ومنهم من ترك ، فكلّ من اُطعم من طعامه نفخ (٢) ، فهلك من أصحاب فرعون سبعون ألفاً ذكراً ومائة وستّون ألفاً اُنثى ، سوى الدوابّ والكلاب وغير ذلك ، فتعجّب هو وأصحابه بما كان الله أمره أن يسقي أصحابه من الدواء والّذي يسمّى الشافية .
ثمَّ أنزل الله تعالى على رسوله هذا الدواء ، نزل به جبرئيل عليهالسلام ، ونسخة الدواء هذه : تأخذ جزءً من ثوم مقشّر ، ثمَّ تشدخه ولا تنعم دقّه وتضعه في طنجير أو في قدر على قدر ما يحضرك ، ثمَّ توقد تحته بنار ليّنة ، ثمّ تصبّ عليه من سمن البقر قدر ما يغمره ، وتطبخه بنار ليّنة حتّى يشرب ذلك السمن ، ثمّ تسقيه مرّة بعد اُخرى حتّى لا يقبل الثوم شيئاً ، ثمّ تصبّ عليه اللبن الحليب ، فتوقد تحته بنار ليّنة وتفعل ذلك مثل ما فعلت بالسمن ، وليكن اللبن أيضاً لبن بقرة حديثة الولادة حتّى لا يقبل شيئاً ولا يشرب .
ثمَّ تعمد إلى عسل الشهد فتعصره من شهده وتغليه على النار على حدة ولا يكون فيه من الشهد شيء ، ثمّ تصبّه على الثوم وتوقد تحته بنار ليّنة كما صنعت بالسمن واللبن ، ثمّ تعمد إلى عشرة دراهم من الشونيز وتدقّه دقّاً ناعماً وتنظف الشونيز ولا تنخله ، وتأخذ وزن خمسة دراهم فلفل ومرزنجوش وتدقّه ثمّ ترمي فيه وتصيّره مثل خبيصة (٣) على النار .
__________________
(١) في المصدر : يتفارقوا .
(٢) تفسخ ( خ ) .
(٣) الخبيصة : الحلواء المخبوصة أي المخلوطة .