يداوي » يقول صلىاللهعليهوآلهوسلم : تعالجوا ولا تتكلّموا (١) ، فإنّ الله الّذي أمرض قد خلق الأدوية المتعالج بها بلطيف صنعه ، وجعل بعض الحشائش والخشب والصموغ والأحجار أسباباً للشفاء من العلل والأدواء ، فهي تدلّ على عظيم قدرته وواسع رحمته .
وهذا الحديث يدلّ على خطاء من ادّعى التوكّل في الأمراض ولم يتعالج . ووصف صلىاللهعليهوآلهوسلم « الشّبرم » (٢) بأنّه حارٌّ يارٌّ . فلو لا أنّ التعالج بالأدوية صحيح لما وصف الشّبرم بذلك . وفائدة الحديث الحثُّ على معالجة الأمراض بالأدوية . وراوي الحديث أبو هريرة .
وقال : الشفاء البرء من الداء ، وقد شفاه الله . فهو مصدر سمى (٣) كما ترى يقول : كما أنّ الداء من الله تعالى فكذلك الشفاء منه ، بخلاف ما يقوله الطبيعيّون من أنّ الداء من الأغذية والشفاء من الأدوية . ولئن قيل : إنّ الله تعالى قد أجرى العادة بأنّه يستضرُّ بعض الناس ببعض الأغذية وفي بعض الأحوال فلعمري إنّه لصحيح ولكنّه من فعل الله تعالى ، وإن كان تناول تلك الطعام السبب في ذلك .
وسئل طبيب العرب « الحارث بن كلدة » عن إدخال الطعام على الطعام ، فقال : هو الّذي أهلك البريّة ، وأهلك السباع في البريّة . فجعل إدخال الطعام على الطعام الّذي لم ينضج في المعدة ولم ينزل منها ، داءً مهلكاً . وهذا على عادة أكثريّةٍ أجراها
__________________
(١) كذا ، والظاهر انه مصحف والصواب « ولا تتكلوا » من الاتكال ، اي لا تتركوا الداء بلا علاج .
(٢) قال في النهاية : في حديث أم سلمة انها شربت الشبرم ، فقال انه حار جار ( بالجيم في الثاني ) الشبرم حب يشبه الحمص يطبخ ويشرب ماؤه للتداوى وقيل انه نوع من الشيح . وقال في مادة « جر » جار اتباع لحار ، ومنهم من يرويه « بار » وهو اتباع أيضاً .
(٣) كذا في أكثر النسخ ، وفي بعضها « ميمى » وهو كما ترى ، والظاهر أنه مصحف « شفى » ذكره تنبيهاً على أنه ليس بمعنى الدواء .