المؤمنين منهم أن يجاروا من العذاب وخالفهم الأكثرون (١) حتى أبو يوسف ومحمد وليس لأبي حنيفة والليث حجة إلا قوله تعالى « يُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ » (٢) وقوله « فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً » (٣) فلم يذكر في الآيتين ثوابا غير النجاة من العذاب.
والجواب : من وجهين أحدهما أن الثواب مسكوت عنه.
والثاني : أن ذلك من قول الجن ويجوز أن يكونوا لم يطلعوا إلا على ذلك وخفي عليهم ما أعد الله لهم من الثواب وقيل إنهم إذا دخلوا الجنة لا يكونون مع الإنس بل يكونون في ربضها (٤) وفي الحديث عن ابن عباس قال الخلق كلهم أربعة أصناف فخلق في الجنة كلهم وهم الملائكة وخلق في النار كلهم وهم الشياطين وخلق في الجنة والنار وهم الجن والإنس لهم الثواب وعليهم العقاب وفيه شيء (٥) وهو أن الملائكة لا يثابون بنعيم الجنة.
ومن المستغربات ما رواه أحمد بن مروان المالكي الدينوري عن مجاهد أنه سئل عن الجن المؤمنين أيدخلون الجنة فقال يدخلونها ولكن لا يأكلون فيها ولا يشربون بل يلهمون التسبيح والتقديس فيجدون فيه ما يجد أهل الجنة من لذيذ الطعام والشراب.
ويدلّ على عموم بعثته صلىاللهعليهوآله من السنة أحاديث منها ما روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلىاللهعليهوآله قال : أعطيت جوامع الكلم وأرسلت إلى الناس (٦) كافة.
__________________
(١) في المصدر : وخالفهما الاكثرون.
(٢) الأحقاف : ٣١.
(٣) الجن : ١٣.
(٤) الربض : مأوى الغنم. مسكن القوم. ما حول المدينة من بيوت ومساكن سور المدينة.
(٥) أي في الحديث شيء من الغرابة.
(٦) بناء على ما تقدم من قول الجوهري : الناس قد تكون من الجن والانس.