وهم ينظرون إليه لا يصلون إليه إذا رجل معه في القبة فقال من أنت قال أنا الذي لا أقبل الرشى ولا أهاب الملوك فقبضه وهو قائم متكئ على عصاه في القبة قال فمكثوا سنة يعملون له حتى بعث الله الأرضة فأكلت منسأته.
وفي حديث آخر عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : فكان آصف يدبر أمره حتى دبت الأرضة « فَلَمَّا خَرَّ » أي سقط سليمان ميتا « تَبَيَّنَتِ الْجِنُ » أي ظهرت الجن فانكشفت (١) للناس « أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ » معناه في الأعمال الشاقة.
وقيل إن المعنى تبينت عامة الجن وضعفاؤهم أن رؤساءهم لا يعلمون الغيب لأنهم كانوا يوهمونهم أنهم يعلمون الغيب.
وقيل معناه تبينت الإنس أن الجن كانوا لا يعلمون الغيب فإنهم كانوا يوهمون الإنس أنا نعلم الغيب وإنما قال « تَبَيَّنَتِ الْجِنُ » كما يقول من يناظر غيره ويلزمه الحجة هل تبين لك أنك باطل (٢).
ويؤيده قراءة علي بن الحسين وأبي عبد الله عليهالسلام وابن عباس والضحاك تبينت الإنس (٣).
وأما الوجه في عمل الجن تلك الأعمال العظيمة فهو أن الله تعالى زاد في أجسامهم وقوتهم وغير خلقهم عن خلق الجن الذين لا يرون للطافتهم ورقة أجسامهم على سبيل الإعجاز الدال على نبوة سليمان فكانوا بمنزلة الأسراء في يده وكانوا يتهيأ لهم الأعمال التي كان يكلفها إياهم ثم لما مات عليهالسلام جعل الله خلقهم على ما كانوا عليه فلا يتهيأ لهم في هذا الزمان من ذلك شيء (٤).
وقال في قوله تعالى « بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَ » بطاعتهم إياهم فيما دعوهم إليه من عبادة الملائكة.
__________________
(١) في المصدر : فانكشف.
(٢) في المصدر : على باطل.
(٣) ذكر الطبرسي هذه القراءة في بحث القراءة.
(٤) مجمع البيان ٨ : ٣٨٠ و ٣٨٢ ـ ٣٨٤.