من أفواهها فيجمع منه القناطير المقنطرة قال تعالى : « ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ » وقوله : « مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ » المراد به بعضها نظيره قوله : « وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ » يريد به البعض واختلاف الألوان في العسل بحسب اختلاف النحل (١) وقد يختلف طعمه لاختلاف المرعى ومن هذا المعنى قول زينب للنبي صلىاللهعليهوآله جرست نحلة العرفط حين شبهت رائحته برائحة المغافير والحديث مشهور في الصحيحين وغيرهما.
ومن شأنه في تدبير معاشه أنه إذا أصاب موضعا نقيا بنى فيه بيتا من الشمع ثم يبني (٢) البيوت التي يأوي فيها الملوك ثم بيوت الذكور التي لا تعمل فيها شيئا (٣) والذكور أصغر جرما من الإناث وهي تكثر المادة داخل الخلية وهي إذا طارت تخرج بأجمعها وترتفع في الهواء ثم تعود إلى الخلية والنحل تعمل الشمع أولا ثم تلقي البزر لأنه له بمنزلة العش للطائر فإذا ألقته قعدت وتحضنه كما تحضن الطير (٤) فيتكون من ذلك البزر دود ثم تنهض الدود فتغذى أنفسها (٥) ثم تطير والنحل لا يقعد على أزهار مختلفة بل على زهر واحد وتملأ بعض البيوت عسلا وبعضها فراخا ومن عادتها أنها إذا رأت فسادا من ملك إما أن تعزله أو تقتله وأكثر ما تقتل خارج الخلية والملوك لا تخرج إلا مع جميع النحل والملك إذا عجز عن الطيران حملته وسيأتي بيان هذا في أواخر الكتاب في لفظ اليعسوب ومن خصائص الملك أنه ليس له حمة يلسع بها وأفضل ملوكها الشقر وأسوؤها الرقط بسواد والنحل تجتمع فتقتسم الأعمال فبعضها يعمل الشمع وبعضها يعمل العسل وبعضها يسقي الماء وبعضها يبني البيوت وبيوتها من أعجب الأشياء لأنها مبنية على الشكل المسدس الذي
__________________
(١) في المصدر : بحسب اختلاف النحل والمرعى.
(٢) في المصدر : بيوتا من الشمع اولا ثم بنى.
(٣) في المصدر : لا تعمل شيئا.
(٤) في المصدر : قعدت عليه وحضنته كما يحضن الطير.
(٥) في المصدر : دود أبيض ثم ينهض الدود وتغذى نفسها.