الصلاح وابن حمزة وابن إدريس والعلامة جمال الدين والمحقق نجم الدين والشيخ محمد بن مكي وسائر المتأخرين عطر الله مضاجعهم إلى أن ذبائحهم محرمة لا يجوز الأكل منها على حال من الأحوال سواء ذكر اسم الله تعالى عليها أم لا ووافقهم على ذلك الحنابلة وذهب الحنفية والشافعية والمالكية إلى إباحة ذبائح أهل الكتاب وإن لم يذكر اسم الله عليها ووافقهم الشاذ من علماء الإمامية كابن أبي عقيل.
وقال محمد بن بابويه طاب ثراه إذا سمعنا اليهودي والنصراني والمجوسي يذكر اسم الله تعالى عند الذبح فإن ذبيحته تحل لنا وإلا فلا وإلحاق المجوسي باليهودي والنصراني لأن لهم شبهة كتاب.
ثم اختلف علماء الأمة في ذبيحة المسلم إذا ترك التسمية فذهب الحنابلة وداود الأصفهاني إلى تحريم أكلها سواء ترك التسمية عمدا أو سهوا ووافقهم صاحب الكشاف مع أنه حنفي الفروع حيث قال من حق ذي البصيرة في دينه أن لا يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه كيف ما كان لما ترى في الآية من التشديد العظيم هذا كلامه.
وذهب الشافعية والمالكية إلى إباحة أكلها مطلقا وذهب جماهير الإمامية إلى التفصيل بأنه إن تركها عمدا حرم أكلها وإن تركها سهوا لم يحرم وهو مذهب الحنفية فهذه هي المذاهب المشهورة.
ثم قال احتج جمهور الإمامية على تحريم ذبائح أهل الكتاب بقوله تعالى « وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ » (١) وأهل الكتاب لا يذكرون اسم الله على ذبائحهم فتكون محرمة بنص الكتاب ولو فرض أن النصراني تلفظ باسم الله عند الذبح فإنما يقصد الإله الذي يعتقد أنه أب المسيح وكذا اليهودي إنما يعني الإله الذي عزير ابنه فوجود اللفظ في الحقيقة كعدمه.
وأما تأويل قوله سبحانه « مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » بالميتة فظاهر البعد وقوله تعالى عقيب ذلك « وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ » إلى قوله سبحانه « إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ » لا يدل عليه كما سنذكره وأبعد منه تأويل « مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ » بما ذكر غير
__________________
(١) الأنعام : ١٢١.