من البلاء حمدا يستهل له العباد وينمو به البلاد وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لم يكن شيء قبله ولا يكون شيء بعده.
وأشهد أن محمدا صلىاللهعليهوآله عبده ورسوله اصطفاه بالتفضيل وهدى به من التضليل اختصه لنفسه وبعثه إلى خلقه برسالاته وبكلامه يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والإقرار بربوبيته والتصديق بنبيه صلىاللهعليهوآله بعثه على حين فترة من الرسل وصدف عن الحق وجهالة بالرب وكفر بالبعث والوعيد فبلغ رسالاته وجاهد في سبيله ونصح لأمته وعبده حتى أتاه اليقين صلىاللهعليهوآلهوسلم كثيرا.
أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم فإن الله عز وجل قد جعل للمتقين المخرج مما يكرهون والرزق من حيث لا يحتسبون فتنجزوا من الله موعوده واطلبوا ما عنده بطاعته والعمل بمحابه فإنه لا يدرك الخير إلا به ولا ينال ما عنده إلا بطاعته ولا تكلان فيما هو كائن إلا عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما بعد فإن الله أبرم الأمور وأمضاها على مقاديرها فهي غير متناهية عن مجاريها دون بلوغ غاياتها فيما قدر وقضى من ذلك وقد كان فيما قدر وقضى من أمره المحتوم وقضاياه المبرمة ما قد تشعبت به الأخلاف وجرت به الأسباب وقضى من تناهي القضايا بنا وبكم إلى حضور هذا المجلس الذي خصنا الله وإياكم للذي كان من تذكرنا آلاءه وحسن بلائه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يستهل له العباد » أي يرفعون بها أصواتهم أو يستبشرون بذكره.
وقال الفيروزآبادي : استهل الصبي : رفع صوته بالبكاء ، كأهل وكذا كل متكلم رفع صوته ، أو خفض « وينمو به البلاد » بزيادة النعمة على أهاليها ، كما قال تعالى : « لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ». (١) « اصطفاه بالتفضيل » أي بأن فضله على جميع الخلق ، و « هدى به من التضليل » أي لئلا يضلهم الشيطان أو لئلا يجدهم ضالين أو لئلا يكونوا مضلين و « صدف عن الحق » أي ميل وأعرض عنه « حتى أتاه اليقين » أي الموت « قد جعل للمتقين » إشارة إلى قوله تعالى : « وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ » (٢). وقال الفيروزآبادي : استنجز حاجته وينتجزها : طلب قضاؤها ممن وعدها إياها ، وقال : التوكل إظهار العجز والاعتماد على الغير ، والاسم التكلان.
__________________
(١) سورة إبراهيم الآية ٧. (٢) سورة الطلاق الآية ـ ٣.