مما قضيت » عليهم ، من القتل أو العفو « ويسلموا تسليما » وقال علي بن إبراهيم : (١) « جاؤك يا علي » قال : هكذا نزلت.
أقول : وسيأتي عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنها نزلت في مثل ذلك ، وبالجملة تدل على أن الايمان مشروط بالتسليم والانقياد التام.
« إذا ضربتم في سبيل الله » (٢) أي سافرتم للغزو « فتبينوا » أى فاطلبوا بيان الامر وميزوا بين الكافر والمؤمن ، وقرئ « فتثبتوا » في الموضعين أي توقفوا وتأنوا حتى تعلموا من يستحق القتل ، والمعنيان متقاربان ، يعنى لا تعجلوا في القتل لمن أظهر إسلامه ظنا منكم بأنه لا حقيقة لذلك « ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام » وقرئ السلم بغير ألف وهما بمعنى الاستسلام والانقياد ، وفسر السلام بتحية الاسلام أيضا والعياشي (٣) نسب قراءة السلام إلى الصادق عليهالسلام « لست مؤمنا » وإنما فعلت ذلك خوفا من القتل « تبتغون عرض الحياة الدنيا » أي تطلبون ماله الذي هو حطام سريع الزوال ، وهو الذي يبعثكم على العجلة وترك التثبت ، « فعند الله مغانم كثيرة » تغنيكم عن قتل أمثاله لماله « كذلك كنتم من قبل » أي أول ما دخلتم في الاسلام ، و تفوهتم بكلمتي الشهادة ، فحصنت بها دماؤكم وأموالكم ، من غير أن تعلم مواطأة قلوبكم ألسنتكم « فمن الله » عليكم بالاشتهار بالايمان ، والاستقامة في الدين « فتبينوا » وافعلوا بالداخلين في الاسلام ما فعل الله بكم ، ولا تبادروا إلى قتلهم ظنا بأنهم دخلوا فيه اتقاء وخوفا ، وتكريرها تأكيد لتعظيم الامر ، وترتيب الحكم على ما ذكر من حالهم « إن الله كان بما تعملون خبيرا » عالما به وبالغرض منه فلا تتها فتوا في القتل ، ولا تحتالوا فيه.
وقال علي بن إبراهيم (٤) وغيره : إنها نزلت لما رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله من غزوة خيبر ، وبعث اسامة بن زيد في خيل إلى بعض اليهود في ناحية فدك ليدعوهم إلى الاسلام وكان رجل من اليهود يقال له : مرداس بن نهيك الفدكي في بعض القرى ، فلما أحس بخيل رسول الله صلىاللهعليهوآله جمع أهله وماله وصار في ناحية الجبل
__________________
(١) تفسير القمى ص ١٣٠. (٢) النساء : ٩٤.
(٣) تفسير العياشى ج ١ ص ٢٦٨. (٤) تفسير القمى ص ١٣٤.