الايمان ، لانه لايبقى معه معنى من الايمان بخلاف الساكت فانه قدبقي معه معنى منه ، وهو العلم ، لم يكن السكوت مخرجا بطريق أولى ، نعم لو كان الخروج عن التصديق والاقرار أو عن أحدهما على جهة الانكار والجحد لخرج بذلك عن الايمان ولذلك قلنا إن الايمان هو التصديق بالقلب ، والاقرار باللسان أو ما في حكمهما انتهى محصل ماذكره.
أقول : قوله : إن النائم ينتفي عنه العلم أي التصديق غير مسلم ، وإنما المنفي شعوره بذلك العلم ، وهو غير العلم ، فالتصديق حينئذ باق لكونه من الكيفيات النفسية فلا يزيله النوم وحينئذ فلا يلزم من عدم الحكم بانتفاء الايمان عن النائم عدم الحكم بانتفائه عن الساكت بطريق أولى ، نعم الحكم بعدم انتفائه عن الساكت على مذهب من جعل الاقرار جزءا إما للزوم الحرج العظيم بدوام الاقرار في كل وقت ، أو أن يكون المراد من كون الاقرار جزءا للايمان الاقرار في الجملة ، أو في وقت ما مع البقاء عليه ، فلا ينافيه السكوت المجرد ، وإنما ينافيه مع الجحد لعدم بقاء الاقرار حينئذ.
وأقول : الذي ذكره من الدليل على عدم النقل لايدل وحده على كون الاقرار جزءا ، وهو ظاهر ، بل قصد به الدلالة على بطلان ماعدا مذهب أهل التصديق.
ثم استدل على بطلان مذهب التصديق بما ذكره من الايات الدالة على اعتبار الاقرار في الايمان ، فيكون الايمان الشرعي تخصيصا للغوي كما هو عند أهل التصديق ، وهذا جيد لكن دلالة الايات على اعتبار الاقرار ممنوعة ، وقد بينا ذلك سابقا أن تكفيرهم إنما كان لجحدهم الاقرار ، وهو أخص من عدم الاقرار ، فتكفيرهم بالجحد لايستلزم تكفيرهم بمطلق عدم الاقرار ، ليكون الاقرار معتبرا ، نعم اللازم من الايات اعتبار عدم الجحد مع التصديق ، وهو أعم من الاقرار ، واعتبار الاعم لايستلزم اعتبار الاخص وهو ظاهر.
وهذا جواب عن استدلاله بجميع الايات ، ونزيد في الجواب عن الاستدلال بقوله تعالى في الحكاية عن موسى عليه وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام :