وكون اليقين فوق التقوى كأنه يعين حملها على المعنى الثاني ، وإلا فيشكل الفرق ، لكن درجات المرتبة الاخيرة أيضا كثيرة ، فيمكن حمل اليقين على أعالي درجاتها ، وما قيل : في الفرق أن التقوى قد يوجد بدون اليقين كما في بعض المقلدين فهو ظاهر الفساد إذ لا توجد هذه الدرجة الكاملة من التقوى لمن كان بناء إيمانه على الظن والتخمين ، وقوله عليهالسلام : « وما قسم للناس » يدل على أن للاستعدادات الذاتية والعنايات الالهية مدخلا في مراتب الايمان واليقين ، كما مرت الاشارة إليه.
٣ ـ كا : عن العدة ، عن البرقي ، عن أبيه ، عن هارون بن الجهم أو غيره عن عمر ابن أبان الكلبي ، عن عبدالحميد الواسطي ، عن أبي بصير قال : قال لي أبو عبدالله عليهالسلام يابا محمد الاسلام درجة؟ قلت : نعم ، قال : والايمان على الاسلام درجة؟ قلت : نعم ، قال : والتقوى على الايمان درجة؟ قال : قلت : نعم ، قال : واليقين على التقوى درجة؟ قلت : نعم ، قال : فما اوتي الناس أقل من اليقين وإنما تمسكتم بأدنى الاسلام فاياكم أن ينفلت من أيديكم (١).
بيان : « الاسلام درجة » أي درجة من الدرجات أو أول درجة ، وهو استفهام أو خبر ، ونعم يقع في جوابهما « على الاسلام » أي مشرفا أو زايدا عليه « ما اوتي الناس أقل من اليقين » أي الايمان أقل من سائر ما اعطي الناس من الكمالات ، أو عزيز نادر فيهم كما مر ، وقيل : المعنى ما اعطي الناس شيئا قليلا من اليقين ، ولا يخفى بعده ، وكأنه حمله على ذلك ماسيأتي : قوله عليهالسلام : « بأدنى الاسلام » كأن المراد بالاسلام هنا مجموع العقايد الحقة ، بل مع قدر من الاعمال كما مر من اختلاف معاني الاسلام ، ويحتمل أن يكون المراد بالخطاب غير المخاطب من ضعفاء الشيعة وقيل : المراد بأدنى الاسلام أدنى الدرجات إلى الاسلام ، وهو الايمان من قبيل يوسف أحسن إخوته.
« أن ينفلت من أيديكم » أي يخرج من قلوبكم فجاءه فيدل على أن من لم يكن في درجة كاملة من الايمان ، فهو على خطر من زواله ، فلا يغتر من
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٥٢.