بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا » (١).
ومرجع الايمان إلى العلم ، وذلك لان الايمان هو التصديق بالشئ على ماهو عليه ، ولا محالة هو مستلزم لتصور ذلك الشئ كذلك بحسب الطاقة ، وهما معنى العلم ، والكفر مايقابله ، وهو بمعنى الستر والغطاء ومرجعه إلى الجهل وقد خص الايمان في الشرع بالتصديق بهذه الخمسة ولو إجمالا فالعلم بها لابد منه وإليه الاشارة بقوله صلىاللهعليهوآله : « طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة » ولكن لكل إنسان بحسب طاقته ووسعه « لايكلف الله نفسا إلا وسعها » (٢) فان للعلم والايمان درجات مترتبة في القوة والضعف ، والزيادة والنقصان ، بعضها فوق بعض ، كما دلت عليه الاخبار الكثيرة.
وذلك لان الايمان إنما يكون بقدر العلم الذي به حياة القلب ، وهو نور يحصل في القلب بسبب ارتفاع الحجاب بينه وبين الله جل جلاله « الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور » (٣) « أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها » (٤) وليس العلم بكثرة التعلم إنما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد أن يهديه.
وهذا النور قابل للقوة والضعف والاشتداد والنقص كسائر الانوار « وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا » (٥) « وقل رب زدني علما » (٦) كلما ارتفع حجاب ازداد نور ، فيقوى الايمان ويتكامل إلى أن ينبسط نور فينشرح صدره ، ويطلع على حقائق الاشياء ، وتجلى له الغيوب ، ويعرف كل شئ في موضعه ، فيظهر له
____________________
(١) النساء : ١٣٦.
(٢) البقرة : ٢٨٦.
(٣) البقرة : ٢٥٧.
(٤) الانعام : ١٢٢.
(٥) الانفال : ٢.
(٦) طه : ١١٤.