وإذا صح الخوف هرب ، وإذا هرب نجا ، وإذا أشرق نور اليقين في القلب شاهد الفضل ، وإذا تمكن من رؤية الفضل رجا ، وإذا وجد حلاوة الرجاء طلب ، وإذا وفق للطلب وجد ، وإذا تجلى ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة ، وإذا هاج ريح المحبة استأنس ظلال المحبوب ، وآثر المحبوب على ماسواه ، وباشر أوامره ( وأجتنب نواهيه واختارهما على كل شئ غيرهما ، وإذا استقام على بساط الانس بالمحبوب مع أداء أوامره واجتناب نواهيه ) (١) وصل إلى روح المناجاة والقرب ومثال هذه الاصولة الثلاثة كالحرم والمسجد والكعبة ، فمن دخل الحرم أمن من الخلق ، ومن دخل المسجد أمنت جوارحه أن يستعملها في المعصية ، ومن دخل الكعبة أمن قبله من أن يشغله بغير ذكر الله.
فانظر أيها المؤمن فان كانت حالتك حالة ترضاها لحلول الموت ، فاشكر الله على توفيقه وعصمته ، وإن تكن الاخرى فانتقل عنها بصحة العزيمة ، واندم على ماسلف من عمرك في الغفلة ، واستعن بالله على تطهير الظاهر من الذنوب ، وتنظيف الباطن من العيوب ، واقطع زيادة الغفلة عن نفسك ، واطف نار الشهوة من نفسك (٢).
٢٣ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : حب الله إذا أضاء على سر عبد أخلاه عن كل شاغل وكل ذكر سوى الله عند ظلمة ، والمحب أخلص الناس سر الله ، وأصدقهم قولا ، وأوفاهم عهدا ، وأزكاهم عملا ، وأصفاهم ذكرا ، وأعبدهم نفسا تتباهى الملائكة عند مناجاته وتفتخر برؤيته ، وبه يعمر الله تعالى بلاده ، وبكرامته يكرم عباده ، يعطيهم إذا سألوه بحقه ، ويدفع عنهم البلايا برحمته ، فلو علم الخلق ما محله عند الله ومنزلته لديه ماتقربوا إلى الله إلا بتراب قدميه.
قال أمير المؤمنين عليهالسلام : حب الله نار لايمر على شئ إلا احترق ونور الله لايطلع على شئ إلا أضاء ، وسحاب (٣) الله مايظهر من تحته شئ إلا غطاه وريح الله ماتهب في شئ إلا حركته ، وماء الله يحيى به كل شئ ، وأرض الله
____________________
(١) مابين العلامتين ساقط من نسخة الكمبانى.
(٢) مصباح الشريعة ص ٢ و ٣. (٣) سماء الله خ.