ذلك من أخلاق الانبياء ، وشعار الاصفياء ، ومن علم قدر الكلام أحسن صحبة الصمت ومن أشرف على مافي لطائف الصمت وائتمنه على خزائنه كان كلامه وصمته كله عبادة ، ولايطلع على عبادته إلا الملك الجبار (١).
٣٩ ـ مص : قال الصادق عليهالسلام : الكلام إظهارما في قلب المرء من الصفا و الكدر ، والعلم والجهل ، قال أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليهالسلام : المرء مخبوء تحت لسانه ، فزن كلامك ، واعرضه على العقل والمعرفة ، فان كان لله وفي الله فتكلم به ، وإن كان غير ذلك فالسكوت خير منه.
وليس على الجوارح عبادة أخف مؤنة ، وأفضل منزلة ، وأعظم قدرا عندالله من الكلام في رضا الله ولوجهه ، ونشر آلائه ونعمائه في عباده ، ألا ترى أن الله عزوجل لم يجعل فيما بينه وبين رسله معنى يكشف ما أسر إليهم من مكنونات علمه ومخزونات وحيه ، غير الكلام ، وكذلك بين الرسل والامم ، ثبت بهذا أنه أفضل الوسائل والكلف والعبادة (٢).
وكذلك لامعصية أنغل على العبد وأسرع عقوبة عندالله وأشدها ملامة و أعجلها سآمة عند الخلق منه واللسان ترجمان الضمير ، وصاحب خبر القلب ، و به ينكشف مافي سر الباطن ، وعليه يحاسب الخلق يوم القيامة ، والكلام خمر تسكر العقول ماكان منه لغير الله ، وليس شئ أحق بطول السجن من اللسان.
قال بعض الحكماء : احفظ لسانك عن خبيث الكلام ، وفي غيره لاتسكت إن استطعت ، فأما السكينة فهي هيئة حسنة رفيعة من الله عزوجل لاهلها ، وهم امناء أسراره في أرضه (٣).
٤٠ ـ سر : ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي حمزة قال : سمعت أباجعفر عليهالسلام يقول : إنما شيعتنا الخرس.
___________________
(١) مصباح الشريعة ص ٢٠ (٢) في المصدر المطبوع « وألطف العبادة ».
(٣) مصباح الشريعة ص ٣٠.