خلقنا السموات » قيل : هذه إشارة إلى حسن التأني ، وترك التعجيل في الامور وتمهيد للامر بالصبر.
وأقول : يحتمل أن يكون توطئة للصبر على وجه آخر ، وهوبيان عظم قدره ، وأنه قادر على الانتقام منهم « ومامسنا من لغوب » أي من تعب وإعياء وهو رد لما زعمت اليهود من أنه تعالى بدأ خلق العالم يوم الاحد ، وفرغ منه يوم الجمعة ، واستراح يوم السبت ، واستلقى على العرش « فاصبر على مايقولون » أي مايقول المشركون من إنكارهم البعث ، فان من قدر على خلق العالم بلا إعياء قدر على بعثهم والانتقام منهم ، أوما يقول اليهود من الكفر والتشبيه.
قوله عليهالسلام : « ثم بشر » على بناء المجهول ، وقبل الاية في سورة التنزيل هكذا « ولقد آتينا موسى الكتاب فلاتكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لنبي إسرائيل * وجعلنا منهم أئمة » وفي أكثر نسخ الكتاب « وجعلناهم » وكأنه تصحيف ، وفي بعضها « وجعلنا منهم » كمافي المصاحف.
ثم إنه يرد أن الظاهر من سياق الآية رجوع ضمير منهم إلى بني إسرائيل فكيف تكون بشارة للنبي صلىاللهعليهوآله وإيتائه القرآن في عترته؟ وكيف وصفوا بالصبر؟ والجواب ماعرفت أن ذكر القصص في القرآن لانذار هذه الامة وتبشيرهم ، مع أنه قد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنه يقع في هذه الامة ماوقع في بني إسرائيل حذوالنعل بالنعل ، فذكر قصة موسى وإيتائه الكتاب وجعل الائمة من بني إسرائيل أي هارون وأولاده ذكر نظير لبعثة النبي صلىاللهعليهوآله وإيتائه القرآن ، وجعل الائمة من أخيه ، وابن عمه وأولاده ، كما قال صلىاللهعليهوآله : أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
وقد يقال : إن قوله : « فلاتكن في مرية من لقائه » المراد به لاتكن في تعجب من سقوط الكتاب بعدك ، وعدم عمل الامة به فانا نجعل بعدك امة يهدون بالكتاب كما جعلنا في بني إسرائيل امة يهدون بالتوراة والمفسرون ذكروا فيه وجوها : الاول أن المعني لاتكن في شك من لقائك موسى ليلة الاسرى ، الثاني