إرجاع ضمير فخذيه إلى المعسر ، ولو كان راجعا إلى الموسر لما كان لجمع الطرف الاخر وجه إلا أن يكون لموافقة الطرف الاخر وفيه تكلفات اخر.
وقال الشيخ المتقدم رحمهالله : ضمير «فخذيه» يعود إلى الموسر أي جمع الموسر ثيابه وضمها تحت فخذي نفسه لئلا تلاصق ثياب المعسر ، ويحتمل عوده إلى المعسر ، و «من» على الاول إما بمعنى «في» أو زائدة على القول بجواز زيادتها في الاثبات ، وعلى الثاني لابتداء الغاية ، والعود إلى الموسر أولى كما يرشد إليه قوله عليهالسلام «فخفت أن يوسخ ثيابك» لان قوله عليهالسلام : فخفت أن يوسخ ثيابك الغرض منه مجرد التقريع للموسر كما هو الغرض من التقريعين السابقين أعني قوله : «خفت أن يمسك من فقره شئ» «خفت أن يصيبه من غناك شئ» وهذه التفريعات الثلاث منخرطة في سلك واحد ، ولو كان ثياب الموسر تحت فخذي المعسر ، لا يمكن أن يكون قبضها من تحت فخذيه خوفا من أن يوسخها.
أقول : ما ذكره قدسسره وان كان التقريع فيه أظهر وبالاولين أنسب لكن لا يصير هذا مجوزا لارتكاب بعض التكلفات إذ يمكن أن يكون التقريع لان سراية الوسخ في الملاصقة في المدة القليلة نادرة أو لان هذه مفسدة قليلة لا يحسن لاجلها ارتكاب إيذاء مؤمن.
«إن لي قرينا يزين لي كل قبيح» قال رحمهالله : أي إن لي شيطانا يغويني ويجعل القبيح حسنا والحسن قبيحا ، وهذا الفعل الشنيع الذي صدر مني من جملة إغوائه لي.
أقول : ويمكن أيضا أن يراد بالقرين النفس الامارة التي طغت وبغت بالمال ، أو المال أو الاعم كما قال تعالى : «إن الانسان ليطغى * أن رآه استغنى» (١) وقال في النهاية ومنه الحديث ما من أحد إلا وكل به قرينه أي مصاحبه من الملائكة أو الشياطين ، وكل إنسان فان معه قرينا منهما فقرينه من الملائكة يأمره بالخير ويحثه عليه ، وقرينه من الشياطين يأمره بالشر ويحثه عليه.
____________________
(١) العلق : ٦ ٧.