هو الباطن.
الخامس : ما روي عن بعضهم أنه كان يقف عند قوله : «كبيرهم» ثم يبتدئ بقول : «هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون» وأراد بالكبير نفسه ، لان الانسان أكبر من كل صنم ، وهذا أيضا من باب التورية وقيل : إنه يتم بدون الوقف أيضا بأن يكون هذا إشارة إلى نفسه المقدسة ، والمغايرة بين المشير والمشار إليه كاف بحسب الاعتبار.
السادس : إن في الكلام تقديما وتأخيرا ، والتقدير بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون فاسئلوهم فيكون إضافة الفعل إلى كبيرهم مشروطا بكونهم ناطقين ، فلما لم يكونوا ناطقين لم يكونوا فاعلين ، والغرض منه تسفيه القوم وتقريعهم وتوبيخهم لعبادة من لا يسمع ولا ينطق ولا يقدر أن يخبر من نفسه بشئ.
ويؤيده ما روي في كتاب الاحتجاج أنه سئل الصادق عليهالسلام عن قول الله عزوجل في قصة إبراهيم : «قال بل فعله كبيرهم هذا فاسئلوهم إن كانوا ينطقون» قال : ما فعله كبيرهم ، وما كذب إبراهيم ، قيل : وكيف ذلك فقال : إنما قال : إبراهيم فاسئلوهم إن كانوا ينطقون ان نطقوا فكبيرهم فعل ، وإن لم ينطقوا فلم يفعل كبيرهم شيئا ، فما نطقوا وما كذب إبراهيم (١).
وقال البيضاوي : وما روي أن لابراهيم عليهالسلام ثلاث كذبات تسمية للمعاريض كذبا لما شابهت صورتها صورته.
«وقال يوسف عليهالسلام إرادة الاصلاح» كأن المراد الاصلاح بينه وبين إخوته في حبس أخيه بنيامين عنده ، وإلزامهم ذلك بحيث لا يكون لهم محل منازعة ولم يتيسر له ذلك إلا بأمرين : أحدهما نسبة السرقة وثانيهما التمسك بحكم آل يعقوب في السارق ، وهو استرقاق السارق سنة ، وكان حكم ملك مصر أن يضرب السارق ويغرم ما سرق ، فلم يتمكن من أخذ أخيه في دين الملك ، فلذلك أمر فتيانه بأن يدسوا الصاع في رحل أخيه وأن ينسبوا السرقة إليه ون يستفتوا في
____________________
(١) الاحتجاج ص ١٩٤.