أم أنجو منها.
فالتفت عيسى عليهالسلام إلى الحواريين فقال : يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش ، والنوم على المزابل ، خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة (١).
بيان : «أما إنهم» قال الشيخ البهائي قدس الله روحه : أما بالتخفيف حرف استفتاح وتنبيه ، يدخل على الجمل لتنبيه المخاطب ، وطلب إصغائه إلى ما يلقى إليه وقد يحذف ألفها نحو أم والله زيد قائم «إلا بسخطة» السخط بالتحريك وبضم أوله وسكون ثانيه الغضب «لتدافنوا» الظاهر أن التفاعل هنا بمعنى فعل كتواني ويمكن إبقاؤه على أصل المشاركة بتكلف «فقال الحواريون» هم خواص عيسى عليهالسلام قيل : سموا حواريين لانهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يقصرونها وينقونها من الاوساخ ويبيضونها ، مشتق من الحور ، وهو البياض الخالص.
أقول : وقد قيل إنهم إنما سموا حواريين لنقاء ثيابهم ، وقيل : لنقاء قلوبهم وقيل : الحواري بمعنى الناصر وقد كان الحواريون أنصار عيسى عليهالسلام وقيل : لانهم كانوا نورانيين عليهم أثر العبادة ونورها وحسنها ، وقيل : إنهم اتبعوا عيسى عليهالسلام فكانوا إذا جاعوا قالوا يا روح الله جعنا ، فيضرب عليهالسلام بيده الارض سهلا كان أو جبلا ويخرج لكل منهم رغيفين وإذا عطشوا قالوا : يا روح الله عطشنا ، فيضرب بيده الارض فيخرج ماء ويشربون ، فقالوا : يا روح الله من أفضل منا؟ إذا شئنا أطعمنا وإذا شئنا سقينا ، وقد آمنا بك واتبعناك؟ فقال عيسى عليهالسلام : أفضل منكم من يعمل بيده ويأكل من كسبه فصاروا يغسلون الثياب بالكرى بعد ذلك ، ويأكلون من أجرته ، وسيأتي في مطاوي شرح حديث الكافي في أواسط هذا الباب كلام أيضا في معنى الحواريين فانتظره.
وقال بعض العلماء : إنهم لم يكونوا قصارين على الحقيقة ، وإنما أطلق هذا الاسم عليهم رمزا إلى أنهم كانوا ينقون نفوس الخلائق من الاوساخ والاوصاف الذميمة والكدورات ، ويرفعونها إلى عالم النور من عالم الظلمات.
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣١٨.