القاطع زيد أو عمرو؟.
«قيل لنا كذبتم» دل على أنهم «لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه» (١) كما نطقت به الآية أو كذبتم فيما عليه قولكم هذا أنه يمكنكم العود ، وربما يقرء بالتشديد اي كذبتم الرسل ، فلا محيص عن عذابكم.
«قال يا روح الله» في بعض النسخ «يا روح الله وكلمته بقدس الله» فقوله : بقدس الله متعلق بروح الله وكلمته يعني أيها الذي صار روح الله وكلمته بقدس الله كما قيل ، ويحتمل أن يكون الباء بمعنى «مع» أي مع تقدسه عن أن يكون له روح وكلمة حقيقة.
ثم قال الشيخ البهائي رحمه الله : ثم لا يخفى أن ما قاله هذا الرجل من أنه كان فيهم ولم يكن منهم ، فلما نزل العذاب عمه معهم ، يشعر بأنه ينبغي المهاجرة عن أهل المعاصي والاعتزال لهم ، وأن المقيم معهم شريك لهم في العذاب ، ومحترق بنارهم ، وإن لم يشاركهم في أفعالهم وأقوالهم ، وقد يستأنس لذلك بعموم قوله تعالى : «إن الذين توفتهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا ألم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك ويهم جهنم وسائت مصيرا» (٢) ولو لم يكن في الاعتزال عن الناس فائدة سوى ذلك لكفى ، وفيه من الفوائد ما لا يعد ولا يحصى ، نسأل الله سبحانه أن يوفقنا لذلك بمنه وكرمه.
«فأنا معلق» هذا كناية عن أنه مشرف على الوقوع فيها ، ولا يبعد أن يراد به معناه الصريح أيضا ، والشفير حافة الوادي وجانبه «أكبكب فيها» على البناء للمفعول اي أطرح فيها على وجهي ، وفي القاموس جرش الشئ لم ينعم دقه فهو جريش ، وفي الصحاح ملح جريش لم يطيب «مع عافية الدنيا» اي إذا كان مع عافية الدنيا من الخطايا «والآخرة» من النار ، أو فيه عافية الدنيا من تشويش
____________________
(١) الانعام : ١٢٨.
(٢) النساء : ٩٧.