من عادته إذا رجع من قنصه لا يدخل إلى أهله بعد أن يطوف بالبيت ، فمر على تلك المولاة فأخبرته الخبر ، وقيل : أخبرته مولاة أخته صفية قالت له : إنه صب التراب على رأسه ، وألقى عليه فرثا ، ووطئ برجله على عاتقه ، وعلى إلقاء الفرث عليه اقتصر أبوحيان ، فقال لها حمزة : أنت رايت هذا الذي تقولين؟ قالت : نعم.
فاحتمل حمزة الغضب ودخل المسجد فرأى أبا جهل جالسا في القوم فأقبل نحوه حتى قام على رأسه ورفع القوس فضربه فشجه شجة منكرة ، ثم قال : أتشتمه وأنا على دينه ، أقول ما يقول؟ فرد علي ذلك إن استطعت ، وفي لفظ : إن حمزة لما قام على راس أبي جهل بالقوس صار أبوجهل يتضرع إليه ويقول : سفه عقولنا ، وسب آلهتنا ، وخالف آباءنا ، فقال : ومن أسفه منكم؟ تعبدون الحجارة من دون الله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقالوا : ما نراك إلا قد صبأت ، فقال حمزة : ما يمنعني وقد استبان لي منه ، أنا أشهد أنه رسول الله وأن الذي يقوله حق ، والله لا أنزع فامنعوني إن كنتم صادقين ، فقال لهم أبوجهل : دعوا أبا يعلى فاني والله قد اسمعت ابن أخيه شيئا قبيحا.
وتم حمزة على إسلامه ، فقال لنفسه لما رجع إلى بيته : أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابي وتركت دين آبائك؟ الموت خير لك مما صنعت؟ ثم قال : اللهم إن كان رشدا فاجعل تصديقه في قلبي ، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجا فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى اصبح.
فغدا إلى رسول الله فقال : يا ابن اخي إني وقعت في أمر لا أعرف المخرج منه ، وإقامة مثلي على مالا ادري أرشد هو أم غي شديد ، فأقبل عليه رسول الله صلىاللهعليهوآله فذكره ووعظه وخوفه وبشره فألقى الله في قلبه الايمان بما قال رسول الله صلى الله لعيه وآله ، فقال : أشهد أنك لصادق ، فأظهر يا ابن اخي دينك ، وقد قال ابن عباس : في ذلك نزل «أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في