(٦)
وعاش الإمام محمّد الجواد عليهالسلام في تلك الفترة القصيرة من حياته متّجهاً صوب العلم فرفع مناره ، وأرسى اُصوله وقواعده ، فاستغل مدّة بقائه في بغداد بالتدريس (١) وإشاعة العلم ، وبلورة الفكر بالمعارف والآداب الإسلامية ، وقد احتف به جمهور كبير من العلماء والرواة وهم يأخذون منه العلوم الإسلامية من علم الكلام والفلسفة ، وعلم الفقه ، والتفسير ، ويعرض هذا الكتاب إلى تراجمهم وإعطاء صورة مفصّلة عن حياتهم حسبما تنصّ عليه مصادر التراجم ، فإنّ الحديث عنهم من مكمّلات البحث عن شخصيّة الإمام عليهالسلام.
(٧)
أمّا عصر الإمام الجواد عليهالسلام فهو من أروع العصور الإسلامية على امتداد التاريخ وذلك لانتشار الحضارة فيه على نطاق واسع ، وكان من أروع صور تلك الحضارة تطوّر العلوم ، وانتشار المعاهد ، وإنشار المعاهد ، وإنشاء المكتبات وترجمة الكتب الطبيّة ، والفلسفية من اللغة اليونانية وغيرها إلى اللغة العربية ، وقد صارت بغداد حاضرة من أعظم حواضر العلم والفكر في الإسلام فقد ازدهرت بكبار العلماء والمتخصّصين في علوم الطبّ واللغة والفقه وغيرها إلى اللغة وغيرها كما تطوّرت الحياة الاقتصادية في بغداد إلى حدّ غريب إلاّ أنّه من المؤسف أنّه قد تكدّست الملايين من الأموال عند بعض الطبقات ، وهي التي كانت تخدم السلطة العبّاسية ، وتعمل لصالحها ، فقد أثرت هذه الطبقة ثراءً فاحشاً حتى حارت في صرف ما عندها من الأموال ، حتى صنعت أبواب بيوتها من الذهب ،
__________________
١ ـ عقيدة الشيعة : ص ٢٠٠.