أما عصر الإمام أبي جعفر الجواد عليهالسلام ، فقد كان من أزهى العصور الإسلامية وأروعها ، فقد تميّز في نهضته العلمية وحضارته الفكرية ، وقد ظلّ المسلمون وغيرهم أجيالاً وقروناً يعيشون على موائد الثروات الفكرية والعلمية التي أسّست في ذلك العصر.
ولابدّ لنا من الحديث ـ بإيجاز ـ عن معالم الحياة في عصر الإمام عليهالسلام فقد أصبحت دراسة العصر من المباحث المنهجية التي لا غِنى للباحث عنها لأنّها تكشف عن أبعاد الشخصية ، وتدلّل على مناحيها الفكرية ، وسائر اتجاهاتها ، وفيما يلي عرض لذلك :
أما الحياة الثقافية في ذلك العصر فتعتبر من أبرز معالم الحياة في العصور الإسلامية على الإطلاق ، فقد ازدهرت الحركات الثقافية ، وانتشر العلم انتشاراً واسعاً ، وتأسّست المعاهد الدراسية ، وانتشرت المكاتب العامة ، وأقبل الناس بلهفة على طلب العلم ، يقول نيكلسون : ( وكان لانبساط رقعة الدولة العباسية ، ووفرة ثروتها ، ورواج تجارتها أثر كبير في خلق نهضة ثقافية لم يشهدها الشرق من قبل ، حتى لقد بدا أنّ الناس جميعاً من الخليفة إلى أقل أفراد العامة شأناً غدوا فجأة طلاّباً للعلم أو على الأقل أنصاراً للأدب ، وفي عهد الدولة العباسية كان الناس يجوبون ثلاث قارّات سعياً