إلى موارد العلم والعرفان ليعودوا إلى بلادهم كالنحل يحملون الشهد إلى جموع التلاميذ المتلهّفين ، ثمّ يصنّفون بفضل ما بذلوه من جهد متصل هذه المصنّفات التي هي أشبه شيء بدوائر المعارف ، والتي كان لها أكبر الفضل في ايصال هذه العلوم الحديثة إلينا بصورة لم تكن متوقعة من قبل ) (١) ونُلمح إلى بعض المعالم الرئيسية من تلك الحياة الثقافية.
أمّا المراكز الثقافية في عصر الإمام أبي جعفر عليهالسلام فهي :
١ ـ يثرب :
وكانت يثرب من أهم المراكز العلمية في ذلك العصر ، فقد تشكّلت فيها مدرسة أهل البيت عليهمالسلام وقد ضمّت عيون الفقهاء والرواة من الذين سهروا على تدوين أحاديث أئمة أهل البيت عليهمالسلام وقد عنوا بصورة موضوعية بتدوين أحاديثهم الخاصة في الفقه باعتباره روح الإسلام وجوهره ، كما تشكّلت في يثرب مدرسة التابعين وهي مدرسة فقهية عنت بأخذ الفقه ممّا روي عن الصحابة ، ويرجع بما لم يروا عنهم إلى ما يقتضيه الرأي والقياس حسب ما ذكروه.
٢ ـ الكوفة :
وتأتي الكوفة بعد يثرب في الأهمية ، فقد كان الجامع الأعظم من أهم المعاهد ، والمدارس الإسلامية ، فقد انتشرت فيه الحلقات الدراسية ، وكان الطابع العام للدراسة هي العلوم الإسلامية من الفقه والتفسير والحديث وغيرها.
وكانت الكوفة علوية الرأي ، فقد عنت مدرستها بعلوم أهل البيت عليهمالسلام وقد حدّث الحسن بن علي الوشاء فقال : أدركت في هذا المسجد ـ يعني مسجد الكوفة ـ
__________________
١ ـ تاريخ الإسلام : ج ٢ ص ٣٢٢.