تسعمائة شيخ كلّ يقول : حدّثني جعفر بن محمد (١) ومن أهم الأسر العلمية التي درست في ذلك الجامع هي آل حيّان التغلبي وآل أعين ، وبنو عطيّة وبيت بني دارج وغيرهم (٢).
ولم يكن الفقه وحده هو السائد في مدرسة الكوفة ، وإنّما كان النحو سائداً أيضاً ، فقد أنشأت في الكوفة مدرسة النحويين ، وكان من أعلامها البارزين : الكسائي الذي عهد إليه الرشيد بتعليم ابنيه الأمين والمأمون ، ومن الجدير بالذكر أنّ هذا العلم الذي يصون اللسان عن الخطأ قد اخترعه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فهو الذي وضع قواعده وأصوله.
٣ ـ البصرة :
أما البصرة فقد كانت مركزاً مهمّاً لعلم النحو ، وكان أوّل من وضع أساس مدرسة البصرة أبو الأسود الدوئلي تلميذ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكانت هذه المؤسسة تنافس مدرسة الكوفة ، وقد سُمّي نُحّاة البصرة ( أهل المنطق ) تمييزاً عن نُحّاة الكوفة وكان من أعلام هذه الصناعة سيبويه الفارسي ، وهو صاحب كتاب سيبويه ، الذي هو من أنضج الكتب العربية وأكثرها عمقاً وأصالة يقول دي بور : فلو نظرنا إلى كتاب سيبويه لوجدناه عملاً ناضجاً ، ومجهوداً عظيماً ، حتى أنّ المتأخّرين قالوا : إنّه لابدّ أن يكون ثمرة جهود متضافرة لكثير من العلماء ، مثل قانون ابن سيناء (٣).
وكما كانت البصرة ميداناً لعلم النحو كذلك كانت مدرسة لعلم التفسير الذي كان من علمائه البارزين أبو عمرو بن العلاء ، وكانت مدرسة أيضاً لعلم العروض
____________
١ ـ حياة الإمام موسى بن جعفر : ج ١ ص ٨٢.
٢ ـ تاريخ الإسلام : ج ٢ ص ٣٣٨.
٣ ـ تاريخ الفلسفة في الإسلام : ص ٣٩.