الاستحسانات العقلية (١).
وعلى أي حال فإنّ أوّل مدرسة للتفسير بالمأثور كانت في عهد الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فهو أوّل مفسّر للقرآن الكريم وعنه أخذ عبد الله بن عباس وغيره ، من أعلام الصحابة ، وكذلك اهتم به اهتماماً بالغاً الأئمة الطاهرون ، فتناولت الكثير من محاضراتهم تفسير القرآن ، وأسباب نزول آياته وفضل قراءته.
ومن العلوم السائدة دراستها في ذلك العصر ( الحديث ) الذي هو من أهمّ مصادر التشريع الإسلامي ، ونعني به ما أثر عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو عن أحد أوصيائه الأئمة الطاهرين ، من قول أو فعل أو تقرير لشيء ويعبّر عن ذلك كلّه بالسنّة.
وقد سبق الشيعة إلى تدوين الأحاديث ، فقد حثّ الأئمة الطيّبون أصحابهم على ذلك ، فقد روى أبو بصير قال : دخلت على أبي عبد الله عليهالسلام فقال : ( ما يمنعكم من الكتابة ، إنّكم لن تحفظوا حتى تكتبوا ، أنّه خرج من عندي رهط من أهل البصرة يسألوا عن أشياء فكتبوها ) وقد انبرى جماعة من أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام إلى جميع الأحاديث الصحيحة في جوامع كبيرة ، وهي الجوامع الأولى للإمامية والتي تعدّ الأساس لتدوين الجوامع الأربعة لمشايخ الإسلام الثلاثة (٢).
ومن أميز العلوم التي ساد انتشارها في ذلك العصر بل في جميع العصور الإسلامية هو علم الفقه الذي يناط به معرفة التكاليف اللازمة على المكلّفين وعليهم المسؤولية عند الله في امتثالها وتطبيقها على واقع حياتهم ، ومن ثمّ كان الاهتمام بدراسة
__________________
١ ـ حياة الإمام محمد الباقر : ج ١ ص ١٨١.
٢ ـ مقدمة المقنع والهداية : ص ١٠.