لعلّ من أبرز الأحداث السياسية التي جرت في عصر الإمام محمد الجواد عليهالسلام هي الفتنة الكبرى التي وقعت بين الأمين والمأمون ، وأدّت إلى إشعال نار الحرب بينهما ، وقد كلّفت المسلمين ثمناً باهضاً وذلك بما بذلوه من الدماء وإزهاق الأنفُس في سبيل استقرار المُلك والسلطان لأحدهما وقبل أن نعرض إلى ذكر هذه الأحداث نُشير ـ بإيجاز ـ إلى بعض شؤون الأمين وأحواله :
ولم تكن في الأمين أيّة صفة كريمة يستحق بها هذا المنصب الخطير في الإسلام ، فقد أجمع المترجمون له على أنّه لم يتّصف بأية نزعة شريفة ، وإنما قلّده الرشيد منصب الخلافة نظراً لتأثير زوجته السيدة زبيدة عليه وفيما يلي بعض صفاته.
١ ـ كراهته للعلم :
كان الأمين ينفر من العلم ، ويحتقر العلماء ، وكان أمّياً لا يقرأ ولا يكتب (١) وإذا كان بهذه الصفة كيف قلّده الرشيد الخلافة الإسلامية.
٢ ـ ضعف الرأي :
وكان الأمين ضعيف الرأي ، وقد أعطي المُلك العريض ولم يحسن سياسته ، وقد وصفه المسعودي بقوله : ( كان قبيح السيرة ضعيف الرأي يركب هواه ، ويهمل أمره ، ويتّكل في جليلات الخطوب على غيره ، ويثق بمن لا ينصحه ) (٢) ووصفه الكتبي بقوله : ( وكان قد هانَ عليه القبيح فاتّبع هواه ، ولم ينظر في شيء من عقباه.
__________________
١ ـ السلوك لمعرفة دول الملوك للمقريزي : ج ١ ص ١٦.
٢ ـ التنبيه والإشراف : ص ٣٠٢.