عاصمة العالم الإسلامي ، فقد وجدت فيها طبقة رأسمالية كانت تملك الملايين ، وكذلك البصرة فقد ضمّت طبقة كبيرة من أهل الثراء العريض فقد كانت البصرة ثغر العراق والمركز التجاري الخطير الذي يصل بين الشرق والغرب ، وتستقبل متاجر الهند ، وجزر البحار الشرقية ، ومن أجل ذلك سمّيت البصرة أرض الهند وأمّ العراق (١).
وكان من ألوان ذلك الإسراف والبذخ في أموال المسلمين هو ما أنفقه المأمون من الأموال الطائلة المذهلة في زواجه بالسيدة بوران فقد أمهرها ألف ألف دينار ، وشرط عليه أبوها الحسن بن سهل أن يبني بها في قريته الواقعة ( بفم الصلح ) فأجابه إلى ذلك ، ولما أراد الزواج سافر إلى ( فم الصلح ) ونثر على العسكر الذي كان معه بألف ألف دينار وكان معه في سفره ثلاثون ألفاً من الغلمان الصغار والخدم الصغار والكبار وسبعة آلاف جارية ... وعرض العسكر الذي كان معه فكان أربع مائة ألف فارس ، وثلاثمائة ألف راجل .. وكان الحسن بن سهل يذبح لضيوفه ثلاثين ألف رأس من الغنم ، ومثليها من الدجاج ، وأربع مائة بقرة ، وأربعمائة جمل وسمّى الناس هذه الدعوة ( دعوة الإسلام ) ولكن هذا ليس من الإسلام في شيء ، فإنّ الإسلام قد احتاط كأشدّ ما يكون الاحتياط في بيت مال المسلمين فحرم إنفاق أي شيء في غير صالحهم.
وحينما بنى المأمون ببوران نثروا من سطح دار الحسن بن سهل بنادق عنبر فاستخفّ بها الناس ، وزهدوا فيها ، ونادى شخص من السطح قائلاً : كلّ من وقعت بيده بندقة فليكسرها فإنّه يجد فيها رقعة ، وما فيها له وكسر الناس البنادق فوجدوا فيها رقاعاً في بعضها تحويل بألف دينار وفي أخرى خمسمائة دينار إلى أن تصل إلى
__________________
١ ـ مقدمة البخلاء : ص ٢٤.