ويكتبن عليهنّ بصفائح الذهب (١) وقد كان عند الرشيد زهاء ألفي جارية ، وعند المتوكل أربعة آلاف جارية (٢) وقد زار الرشيد في يوم فراغه البرامكة فلمّا أراد الانصراف خرجت جواريهم فاصطففن مثل العساكر صفّين صفّين ، وغنين وضربن بالعود ونقرن على الدفوف إلى أن طلع مقاصير القصر (٣) وكان عند والدة جعفر البرمكي مائة وصيفة لباس كلّ واحدة منهنّ وحليّها غير لبوس الأخرى وحليّها (٤) لقد كان اقتناء الجواري بهذه الكثرة من نتائج وفرة المال وكثرته عند هذه الطبقة الرأسمالية التي حارت في كيفيّة صرف ما عندها من الأموال.
وتفنّن ملوك بني العباس في بناء قصورهم ، فأشادوا أضخم القصور التي لم يشيّد مثلها في البلاد وقد بنوا في بغداد قصر الخلد تشبيهاً له بجنّة الخلد التي وعد الله فيها المتقين ، وكان من أعظم الأبنية الإيوان الذي بناه الأمين ، وقد وصفه المؤرخون بأنّه جعله كالبيضة بياضاً ثمّ ذهب بالإبريز المخالف بينه باللازورد ، وكان ذا أبواب عظام ومصاريع غلاظ تتلألأ فيه مسامير الذهب التي قمعت رؤوسها بالجوهر النفيس وقد فرش بفرش كأنّه صبغ بالدم وقد نقش بتصاوير من الذهب ، وتماثيل العقيان ، ونضّد فيه العنبر الأشهب والكافور المصعد (٥) وقد أنفق جعفر البرمكي على بناء داره نحواً من عشرين مليون درهم (٦) ، وقد تفنّن الناس في بناء القصور وقد وصفها
____________
١ ـ حضارة الإسلام : ص ٩٨.
٢ ـ الأغاني : ج ٩ ص ٨٨.
٣ ـ حضارة الإسلام في دار الإسلام : ص ٩٦.
٤ ـ الجهشياري : ص ٢٤٦.
٥ ـ طبقات الشعراء لابن المعتزّ : ص ٢٠٩.
٦ ـ تاريخ الطبري : ج ١٠ ص ٩٢.