ومن المؤسف أنّ الطرب والمجون قد سرى إلى بعض المحدّثين الذين يجب أن يتّصفوا بالإيمان والاستقامة فقد ذكر الخطيب البغدادي عن المحدث محمد بن الضوء إنّه ليس بمحلّ لأن يؤخذ عنه العلم؛ لأنه كان من المتهتّكين بشرب الخمر والمجاهرة بالفجور ، وكان أبو نواس يزوره في الكوفة في بيت خمّار يقال له جابر (١).
وبجانب حياة اللهو والطرب التي عاشها الناس في عصر الإمام أبي جعفر عليهالسلام فقد كانت هناك طائفة من الناس قد اتّجهت إلى الزهد والتقشّف ونظرت إلى مباهج الحياة نظرة زهد واحتقار ، فكان من بينهم إبراهيم بن الأدهم وهو ممّن ترك الحياة الناعمة وأقبل على طاعة الله وكان يردّد هذا البيت :
اتّخذ الله صاحباً |
|
ودع الناس جانبا |
وكان يلبس في الشتاء فرواً ليس تحته قميص (٢) مبالغة منه في الزهد وكان ممّن عُرِف بالتقشّف معروف الكرخي فكان يبكي وينشد في السحر :
أي شيء تريد منّي الذنوب |
|
شغفت بي فليس عنّي تغيب |
ما يضرّ الذنوب لو اعتقتني |
|
رحمةً بي فقد علاني المشيب (٣) |
وكان من زهّاد ذلك العصر بشر بن الحارث وهو القائل :
قطع الليالي مع الأيام في خلق |
|
والقوم تحت رواق الهمّ والقلق |
أحرى وأعذر لي من أن يقال غداً |
|
إنّي التمست الغنى من كفّ مختلق |
قالوا : قنعت بذا؟ قلت : القنوع غنى |
|
ليس الغنى كثرة الأموال والورق |
__________________
١ ـ الأوراق : ص ٦١.
٢ ـ حلية الأولياء : ج ٧ ص ٣٦٧ ـ ٣٧٣.
٣ ـ حلية الأولياء : ج ٢ ص ١٨١.