د ـ ميله إلى اللهو :
أمّا الميل إلى اللهو فقد كان عنصراً من عناصر حياته ، فقد أقبل عليه بنهم وفيما يلي بعض ما أثر عنه :
ولم يكن شيء من الملاهي أحبّ إلى المأمون من الشطرنج (١) فقد هام في هذه اللعبة وقد وصفها بهذه الأبيات :
أرض مربّعة حمراء من أدم |
|
ما بين الفين موصوفين بالكرم |
تذاكرا الحرب فاحتلا لها شبهاً |
|
من غير أن يسعيا فيها بسفك دم |
هذا يغير على هذا وذاك على |
|
هذا يغير وعين الحرب لم تنم |
فانظر إلى الخيل قد جاشت بمعركة |
|
في عسكرين بلا طبل ولا علم (٢) |
وألمّ هذا الشعر بوصف دقيق للشطرنج ، ولعلّه أسبق من نظم فيه الشعر الذي أحاط بأوصافه ، وكان أبوه الرشيد مولعاً بالشطرنج ، وقد أهدى إلى ملك فرنسا أدواته ، وتوجد حالياً في بعض متاحف فرنسا.
وكان المأمون مولعاً بالغناء والموسيقى ، وكان له هوى شديد في ذلك وكان معجباً كأشدّ ما يكون الإعجاب بأبي إسحاق الموصلي ، الذي كان من أعظم العازفين والمغنّيين في العالم العربي ، وقد قال فيه : ( كان لا يغني أبداً إلاّ وتذهب عنّي وساوسي المتزايدة من الشيطان ) (٣).
__________________
١ ـ العقد الفريد : ج ٣ ص ٢٥٤.
٢ ـ المستطرف : ج ٢ ص ٣٠٦.
٣ ـ الحضارة العربية لجاك س. ريسلر : ص ١٠٨.