والذي يهمّ القراء ـ فيما اعتقد ـ هو البحث عن علاقة الإمام أبي جعفر عليهالسلام بالمأمون ومدى ارتباطه به ، وسائر شؤونه معه ، وفيما يلي ذلك :
وجرى أوّل التقاء بين الإمام أبي جعفر عليهالسلام والمأمون في بغداد ، حينما كان المأمون خارجاً مع حاشيته في موكب إلى الصيد فاجتاز في الطريق على صبية فلما رأوه انهزموا خوفاً منه سوى الإمام الجواد ، فبصر به المأمون فوقف يسأله عن عدم فراره ، فأجابه عليهالسلام بحكمة وتدبّر :
( ليس في الطريق ضيق حتى أوسعه لك ، وليس لم جرم فأخشاك منه ، والظنّ بك حسن إنّك لا تضرّ من لا ذنب له .. ).
وبُهر المأمون من هذا المنطق الفيّاض فراح يسأله :
ما اسمك؟
محمد.
ابن مَن؟
ابن علي الرضا.
ولم يستكثر عليه المأمون هذا الذكاء المفرط ، فهو من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومركز الوعي ، والإحساس في الأرض ، وترحّم المأمون على الإمام الرضا عليهالسلام وانطلق في مسيرته نحو البيداء للصيد ، ولمّا انتهى إلى موضع الصيد أرسل بازيّاً كان معه فغاب عنه ، وبعد فترة عاد وفي منقاره سمكة صغيرة فيها بقايا الحياة ، فتعجّب المأمون وقفل راجعاً إلى بلاطه ، والتقى بالإمام الجواد عليهالسلام ، وبادره المأمون قائلاً :