من العباسيين إلى العلويين ، وبعد مداولة الحديث ، ومناقشة الأمر من جميع جهاته ، أجمع رأيهم على الاجتماع بالمأمون ، وإبداء المعارضة التامّة لما أقدم عليه.
وهرع إلى البلاط العباسي الأدنون من المأمون من العباسيين ، وقد نخر الحزن قلوبهم وساد فيهم صمت رهيب ، وانبروا إلى المأمون فقالوا له :
( ننشدك الله يا أمير المؤمنين أن تقيم على هذا الأمر الذي قد عزمت عليه من تزويج ابن الرضا ، فإنّا نخاف أن تُخرج عنّا أمراً قد ملّكناه الله ، وتنزع منّا عزّاً ألبسناه ، فقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديماً وحديثاً ، وما كان عليه الخلفاء الراشدون من تبعيدهم ، والتصغير بهم ، وقد كنا في وهلة من عملك مع الرضا ما علمت ، حتى كفانا الله المهمّ من ذلك ، فالله الله ، أن تردّنا إلى غم قد انحسر عنّا ، واصرف رأيك عن ابن الرضا ، واعدل إلى ما تراه من أهل بيتك يصلح لذلك دون غيره .. ).
ووضع العباسيون أمام المأمون النقاط الحسّاسة المثيرة للعواطف ، فقد نبّهوه بأحقاد آبائه وعدائهم للعلويّين ، وما صنعه بهم الخلفاء السابقون من تبعيدهم عن مراكز الحكم ، وما صبّوه عليهم من صنوف التنكيل والتعذيب وليس له أن يشذّ عن سنّة آبائه وسيرتهم فإنّه يشكّل بذلك خطراً على أسرته ، ولم يعن المأمون بذلك وراح يفنّد ما قالوه ، قائلاً :
( أمّا ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ، ولو أنصفتم القوم لكانوا أولى بكم ، وأمّا ما كان يفعله من قبلي بهم ، فقد كان به قاطعاً للرحم ، وأعوذ بالله من ذلك ، والله ما ندمت على ما كان منّي من استخلاف الرضا ، ولقد سألته أن يقوم بالأمر ، وأنزعه عن نفسي فأبى ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً ، وأمّا أبو جعفر محمد بن