من الكمال والعلم.
لقد شقّق الإمام عليهالسلام هذه المسألة إلى هذه الفروع وإن كان بعضها لا يختلف فيه الحكم كما إذا كان القتل للصيد في الليل أم في النهار فإنّ الحكم فيهما واحد ، وإنّما ذكر الإمام عليهالسلام ذلك لتبكيت الخصم الذي سأل الإمام للامتحان لا للفهم.
وعلى أي حال فإنّ المأمون لما رأى العجز قد استبان على يحيى فلم يطق جواباً أقبل على بني العباس فقال لهم :
( الحمد لله على هذه النعمة ، والتوفيق لي في الرأي .. أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه .. ) (١).
واستبان لبني العباس فضل الإمام ، وإنّه من عمالقة الفكر والعلم في الإسلام.
كما ظهر لهم صحّة ما قاله المأمون : إنّهم لا يعرفون أهل البيت عليهمالسلام.
وأنكر ابن تيميّة هذه الرواية ، واعتبرها من الموضوعات ـ بغير أدب في التعبير ـ فقد علّق عليها بما نصّه :
( إنّ هذه الحكاية التي حكاها عن يحيى بن أكثم من الأكاذيب التي لا يفرح بها إلاّ الجاهل ، ويحيى بن أكثم أفقه وأعلم وأفضل من أن يطلب تعجيز شخص بأن يسأله عن محرم قتل صيداً ، فإن صغار الفقهاء يعلمون حكم هذه المسألة ، فليست من دقائق العلم وغرائبه ، ولا ما يختصّ به المبرّزون في العلم ، ثمّ مجرّد ما ذكره ليس فيه إلاّ تقسيم أحوال القاتل ليس فيه بيان حكم هذه الأقسام ، ومجرّد التقسيم لا يقتضي العلم بأحكام الأقسام ، وإنّما يدلّ إن دلّ على حسن السؤال ، وليس كلّ من
__________________
١ ـ الإرشاد : ص ٣٦١. الوسائل : ج ٩ ص ١٨٧.