( لا والله إنّ أمير المؤمنين أعلم بما رأى .. ) (١).
لقد آمنوا بفضل الإمام بعد ما رأوه قد خاض مع يحيى أعقد المسائل وأدقّها ، ولم يهتِد المأمون ولا يحيى إلى الإجابة عنها.
ولما كان اليوم الثاني من بعد إجراء عقد الزواج حضر الناس في البلاط العباسي وفي مقدمتهم قادة الجيش ، وسائر الجهاز الرسمي ، وغيرهم ومن عامة الناس ، وهم يرفعون آيات التهاني إلى الإمام الجواد عليهالسلام وإلى المأمون بهذه المناسبة السعيدة ، وأمر المأمون بأن تقدّم لهم الهدايا والعطايا ، فقدمت لهم ثلاثة أطباق من الفضة فيها بنادق مسك وزعفران معجون في أجواف تلك البنادق ، وفيها رقاع مكتوبة بأموال جزيلة ، وعطايا سنيّة ، وإقطاعات فأمر المأمون بنثرها على القوم في خاصّته ، فكان كلّ من وقع في يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها ، والتمسه ، فأطلق له ، ووضعت البدر فنثر ما فيها على القوّاد وغيرهم ، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا ، وتقدّم المأمون بالصدقة على كافة المساكين (٢).
وأحيط الإمام الجواد أثناء إقامته في بغداد بهالة من التكريم والتعظيم والتفّت حوله الجماهير فقد رأت فيه امتداداً ذاتياً لآبائه الطاهرين الذين أضاءوا الحياة بجوهر الإسلام وواقع الإيمان ، فكان الإمام إذا سار في الشارع اصطفّت له المارة وعلا منها التكبير والتهليل ، وهي ترفع صوتها عالياً :
( هذا ابن الإمام الرضا ).
__________________
١ ـ الإرشاد : ص ٣٦٣.
٢ ـ الإرشاد : ص ٣٦٣ ، وسائل الشيعة : ج ١٤ ص ٥١٩.