وأجمع المؤرّخون والرواة على أنّ الإمام لمّا خرج من بغداد متوجّهاً إلى يثرب جرت له في أثناء الطريق كرامة ، ولنترك الشيخ المفيد يحدّثنا عنها قال : لمّا توجّه أبو جعفر عليهالسلام من بغداد إلى المدينة ومعه أمّ الفضل خرج الناس يشيّعونه ، ولمّا صار إلى شارع باب الكوفة انتهى إلى دار المسيّب عند مغيب الشمس ، فنزل ودخل المسجد ، وكان في صحنه نبقة لم تحمل بعد فدعا بكوز فيه ماء فتوضّأ في أصل النبقة ، وقام عليهالسلام فصلى بالناس صلاة المغرب ، فقرأ في الأولى منها الحمد وإذا جاء نصر الله وقرأ في الثانية الحمد ، وقل هو الله ، وقنت قبل ركوعه فيها ، وصلى الثالثة وتشهّد وسلم ، ثمّ جلس هنيئة يذكر الله جلّ اسمه ، وقام من غير أن يعقب فصلى النوافل أربع ركعات ، وعقب تعقيبها ، وسجد سجدتي الشكر ثمّ خرج فلمّا انتهى إلى النبقة رآها الناس وقد حملت حملاً حسناً ، فتعجّبوا من ذلك ، وأكلوا منه فوجدوا نبقاً حلواً لا عجم له ، وودّعوه ومضى من وقته (١).
إنّ الله تعالى قد منح أئمة أهل البيت من الكرامات والمعاجز ما لا يحصى كما منح جدّهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ليؤمن بهم الناس ، ويلتجأوا إليهم في السرّاء والضرّاء ، فيجعلوا منهم وسائط إلى الله تعالى.
وشاء الله تعالى أن تحرم أمّ الفضل الذرية من الإمام الجواد عليهالسلام7 فاضطرّ الإمام عليهالسلام إلى أن يتسرّى ببعض الإماء ممّن لها دين ، فرزقه الله منها الذرية الصالحة ، فتميّزت أمّ الفضل غيظاً ، ورفعت رسالة إلى أبيها تشكو فيها صنع الإمام معها ، فأجابها المأمون : ( يا بنيّة إنا لم نزوجك أبا جعفر لنحرّم عليه حلالاً فلا تعاودي لذكر
__________________
١ ـ الإرشاد : ص ٣٦٤ ، أخبار الدول : ص ١١٦ ، وسائل الشيعة : ج ٤ ص ١٠٥٩.