وقد فرض عليه الإقامة الجبرية فيها ليكون على علم بجميع شؤونه وأحواله كما فرض عليه في نفس الوقت الرقابة الشديدة ، وحجبه من الاتصال بشيعته ، والقائلين بإمامته.
ومن المؤسف حقّاً أن تصدر الوشاية بالإمام الجواد عليهالسلام من أبي داود السجستاني الذي كان من أعلام ذلك العصر ، أمّا السبب في ذلك فيعود إلى حسده للإمام عليهالسلام.
والحسد داء خبيث ألقى الناس في شرّ عظيم ، لقد حقد أبو داود على الإمام كأشدّ ما يكون الحقد وذلك حينما أخذ المعتصم برأيه في مسألة فقهية وترك بقية آراء الفقهاء ، فتميّز أبو داود غيظاً وغضباً على الإمام عليهالسلام ، وسعى إلى الوشاية به ، وتدبير الحيلة في قتله ، وبيان ذلك ما رواه زرقان الصديق الحميم لأبي داود قال : إنّه رجع من عند المعتصم وهو مغتمّ ، فقلت له : في ذلك .. قال : إنّ سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه ، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه ، وقد أحضر محمد بن عليّ عليهالسلام فسألنا عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع؟ فقلت : من الكرسوع (١) لقول الله في التيمّم : ( فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ) واتّفق معي على ذلك قوم ، وقال آخرون : بل يجب القطع من المرفق ، قال : وما الدليل على ذلك؟ قالوا : لأنّ الله قال : ( وأيديكم إلى المرافق ) قال : فالتفت إلى محمد بن علي عليهالسلام فقال : ما تقول في هذا يا أبا جعفر؟ قال : قد تكلّم القوم فيه يا أمير المؤمنين قال : دعني ممّا تكلّموا به ، أي شيء عندك؟ قال : اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين ، قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرتني بما عندك فيه ، فقال : إذا أقسمت عليّ بالله إنّي أقول :
__________________
١ ـ الكرسوع : طرف الزند الذي يلي الخنصر.