وهو بمكة ، وكان يقشّر موزاً ، ويطعم أبا جعفر ، فقلت له : جعلت فداك ، هذا المولود المبارك؟ قال عليهالسلام : نعم يا يحيى هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام مولود أعظم بركة على شيعتنا منه (١).
إن هذا اللون من التربية المطعّم بالحبّ والتكريم له أثره البالغ في التكوين النفسي وازدهار الشخصية حسبما قرّره علماء التربية والنفس.
وملك الإمام محمد الجواد عليهالسلام في سنه المبكر من الذكاء والعبقرية ما يثير الدهشة ويملك النفس إكباراً وإعجاباً وقد ذكر المؤرّخون بوادر كثيرة من ذكائه كان من بينها ما يلي :
١ ـ ما رواه أميّة بن علي قال : كنت مع أبي الحسن الرضا بمكة في السنة التي حجّ فيها مودّعاً البيت الحرام عندما أراد السفر إلى خراسان وكان معه ولده أبو جعفر الجواد ، فودّع أبو الحسن البيت ، وعدل إلى المقام فصلّى عنده ، وكان أبو جعفر قد حمله أحد غلمان الإمام يطوف به وحينما انتهى إلى حجر إبراهيم جلس فيه وأطال الجلوس ، فانبرى إليه موفق الخادم ، وطلب منه القيام معه فأبى عليه ، وهو حزين ، قد بان عليه الجزع ، فأسرع موفق إلى الإمام الرضا عليهالسلام وأخبره بشأن ولده ، فأسرع إليه ، وطلب منه القيام فأجابه بنبرات مشفوعة بالبكاء والحسرات قائلاً :
( كيف أقوم؟ وقد ودّعت يا أبتي البيت وداعاً لا رجوع بعده .. ). وسرت موجة من الألم في نفس الإمام الرضا عليهالسلام فالتمس منه القيام معه فأجابه إلى ذلك (٢)
__________________
١ ـ تنقيح المقال : ج ٣ ص ٣١٧ ، بحار الأنوار : ج ١٢ ص ١١٧.
٢ ـ كشف الغمة : ج ٣ ص ١٥٢.