ما إن تفاخرت على معدم |
|
ولا تضعضعت لإفلاس (١) |
ودلّل الإمام بهذا الشعر على مدى ما يتمتّع به من مكارم الأخلاق التي هي امتداد مشرق لأخلاق آبائه الذين أسّسوا الفضائل والمكارم في دنيا العرب والإسلام.
وزهد الإمام الرضا عليهالسلام في جميع رغائب الحياة ، ومباهج الدنيا ، واتّجه صوب الله تعالى ، وحينما تقلّد ولاية العهد لم يحفل بأي مظهر من مظاهر السلطة ولم يقم لها أي وزن ، وقد اعتبر مشي الرجال خلف الرجل فتنة للتابع ، ومذلّة للمتبوع فلم يرغب في موكب رسمي وكان من أبغض الأشياء وأشدها كراهية عنده أن يقابل بما يقابل به الملوك والخلفاء من مظاهر العظمة والأبّهة ، وقد تحدث عن زهده محمد بن عباد قال : كان جلوس الرضا عليهالسلام على حصيرة في الصيف وعلى مسح (٢) في الشتاء ولباسه الغليظ من الثياب حتى إذا برز للناس تزيا (٣) ويقول الرواة إنّه التقى به سفيان الثوري ، وكان الإمام قد لبس ثوبا من خز ، فأنكر عليه الثوري ذلك وقال له : لو لبست ثوباً أدنى من هذا؟ فأخذ الإمام يده برفق وأدخلها كمّه ، فإذا تحت ذلك الثوب مسح ، وقال عليهالسلام له : ( يا سفيان الخز للخلق ، والمسح للحقّ .. ) (٤).
لقد كان الزهد في الدنيا من أبرز الذاتيّات في خُلق أهل البيت عليهمالسلام فقد اتّصلوا بالله ، وانقطعوا إليه ، ورأوا أن غيره زخرف لا يُوصل إلى الحقّ.
ولم يكن في الدنيا شيء أحبّ إلى الإمام الرضا عليهالسلام من الإحسان إلى الناس
__________________
١ ـ المناقب : ج ٤ ص ٣٦١.
٢ ـ المسح : الكساء من الشعر.
٣ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ٢ ص١٧٨ ، المناقب : ج ٤ ص ٣٦٠.
٤ ـ المناقب : ج ٤ ص ٣٦٠.