وقال إبراهيم بن العباس :
( ما رأيت الرضا يسأل عن شيء قطّ إلا علم ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان الأول إلى وقته وعصره ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب فيه ، وكان كلامه وجوابه وتمثّله انتزاعات من القرآن ، وكان يختمه في كلّ ثلاثة أيام ويقول : لو أردت أن أختمه في أقرب من ثلاثة لختمته ، ولكن ما مررت بآية قطّ إلاّ فكّرت فيها ، وفي أي شيء نزلت وفي أي وقت فلذلك صرت أختمه في كلّ ثلاثة أيام .. ) (١).
لقد كان الإمام الرضا عليهالسلام من عمالقة الفكر والعلم في الإسلام ، وهو ممّن صنع للمسلمين حياتهم العلمية والثقافية ، والتحدّث عن قدراته العلمية يستدعي دراسة خاصة ومطوّلة عسى أن نوفّق لها إن شاء الله.
وكان الإمام الرضا عليهالسلام من أعبد الناس ، وأخلصهم في طاعته لله ، وما ترك نافلة من النوافل ولا مستحباً من المستحبات ، وقد فعل كلّ ما يقرّبه إلى الله زلفى ، وقد حدّث رجاء بن أبي الضحاك عن مدى عبادته ، وكان قد رافق الإمام في سفره من يثرب إلى خراسان ، قال : والله ما رأيت رجلاً كان أتقى لله تعالى منه ، ولا أكثر ذكراً لله في جميع أوقاته منه ولا أشدّ خوفاً لله عزّ وجلّ منه ... ) (٢).
لقد أخلص الإمام الرضا في عبادته وطاعته لله كأعظم ما يكون الإخلاص فقد خُلِق للطاعة وخُلِق للعبادة ، وتجرّد عن مباهج الدنيا وزينتها واتّجه صوب الله تعالى.
أمّا هيبته فكانت تعنو لها الجباه ، فقد بدت عليه سيماء الأنبياء وبهاء الملوك ،
__________________
١ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ٢ ص ١٨٠.
٢ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ٢ ص ١٧٩.