وبلغ المأمون ما عليه الناس من الإكبار والتعظيم للإمام ، فقال له الفضل بن سهل : إن بلغ الرضا المصلّى على هذا الحال افتتن الناس به ، فالرأي أن تسأله أن يرجع ، فأرسل إليه المأمون أن يرجع فرجع الإمام (١).
هذه بعض البوادر التي ذكرها المؤرّخون لحقد المأمون على الإمام وقد خاف على ملكه وسلطانه فصمّم على اقتراف أخطر جريمة في الإسلام ، وهي تصفية الإمام عليهالسلام جسدياً.
ولمّا ضاق المأمون ذرعاً من الإمام عمد إلى اغتياله فاستدعاه وقدّم له عنقوداً من العنب كان قد سمّ بعضه فناوله له وقال : يا بن رسول الله ما رأيت عنباً أحسن من هذا؟ فردّ عليه الإمام :
( ربما كان عنب أحسن منه في الجنة ).
وطلب المأمون من الإمام أن يأكل منه ، فتريّب الإمام ، وقال له : ( تعفيني منه؟ ).
فنهره المأمون وصاح به :
( لابدّ من ذلك ، وما يمنعك منه لعلّك تتهمنا بشيء؟ ).
وأرغم الإمام على تناوله ، فأكل ثلاث حبّات ، ورمى بالعنقود ، وقد أثّر السم به في الوقت فقام من المجلس ، فقال له المأمون :
( إلى أين ).
فرمقه الإمام بطرفه وقال له بنبرات حزينة مرتعشة :
__________________
١ ـ عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ٢ ص ١٥٠ ـ ١٥١ ، نور الأبصار : ص ١٤٣.