منهم لذّتك ، فلا تقطعن ذلك منهم ، ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم ، وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه ، وحلاوة اللسان (١).
لقد درس الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام نفسية المجتمع ، ووقف على دخائل النفوس وميولها واتّجاهاتها ، وأعطى صوراً حيّة عن جميع المناحي الاجتماعية ، والتي منها الصداقة بين الناس ، فقد حلّلها تحليلاً واقعياً بما لا يختلف على امتداد التاريخ وفي مختلف العصور.
وروى عن الإمام الصادق حديثاً جاء فيه أنّ رجلاً سأل أباه عن مسائل فكان ممّا أجابه به ، أن قال : قل لهم : هل كان فيما أظهر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من علم الله اختلاف؟ فإن قالوا : لا فقل لهم : فمن حكم بحكم فيه اختلاف فهل خالف رسول الله؟ فيقولون : نعم ، فإن قالوا : لا فقد نقضوا أوّل كلامهم ، فقل لهم : ما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم ، فإن قالوا : مَن الراسخون في العلم؟ فقل : مَن لا يختلف في عمله ، فإن قالوا : مَن ذاك؟ فقل : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صاحب ذاك .. إلى أن قال : وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يستخلف أحداً فقد ضيّع مَن في أصلاب الرجال ممّن يكون بعده ، قال : وما يكفيهم القرآن؟ قال : بلى لو وجدوا له مفسّراً ، قال : وما فسّره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ قال : بلى قد فسّره لرجل واحد ، وفسّر للأمّة شأن ذلك الرجل ، وهو عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، إلى أن قال : والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شيء واحد ، فمن حكم بحكم ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم الله عزّ وجل ، ومن حكم بحكم فيه اختلاف فرأى أنّه مصيب فقد حكم بحكم الطاغوت .. (٢).
____________
١ ـ وسائل الشيعة : ج ٨ ص ٥٨.
٢ ـ وسائل الشيعة : ج ١٨ ص ١٣١.