إنّ ذات الله تعالى لا تدركها أوهام القلوب على مدى ما تحمله من سعة الخيال فضلاً عن إدراكها بالعين الباصرة فإنّ كلاً منهما محدود بحسب الزمان والمكان وذات الله تعالى لا يجري عليها الزمان والمكان فإنّه تعالى هو الذي خلقهما.
وعلى أي حال فإنّ العقول في جميع تصوّراتها محدودة لا يمكن أن تكتشف الأمور التي لا تخضع للحدّ زماناً ومكاناً ، يقول الشافعي : ( إنّ للعقل حدّاً ينتهي إليه كما أن للبصر حدّاً ينتهي إليه ).
٥ ـ سأل أبو هاشم الجعفري الإمام أبا جعفر الجواد قال : ما معنى الواحد؟ فأجابه عليهالسلام :
( الذي اجتمعت الألسن عليه بالتوحيد كما قال الله عزوجل :
( ولَئنِ سألْتَهُم مَن خَلَقَ السماواتِ والأرضَ ليقُولُنَّ اللهُ .. ) (١).
وبهذا ينتهي بنا الحديث عن البحوث الرائعة التي أدلى بها الإمام عليهالسلام عن التوحيد ، وهي تكشف عن مدى ثرواته العلمية الهائلة.
وتشكّل الأحاديث التي تُروى عن الإمام أبي جعفر الجواد عليهالسلام مصدراً خصباً لاستنباط الأحكام الشرعية لدى فقهاء الشيعة الإمامية؛ لأنّها من السنة التي فسّرت ـ عندهم ـ بقول المعصوم وفعله وتقريره ، وقد أثرت عنه طائفة كبيرة من الأخبار دوّنت في موسوعات الفقه والحديث وقد شملت معظم أبواب الفقه نذكر بعضها :
الصلاة :
أمّا بحوث الصلاة وفروعها فهي من أوسع أبواب الفقه ، وكان من بين تلك
__________________
١ ـ التوحيد : ص ٤٤.