والملاعنة تظهر نمطاً آخر غير الحوار بعد أن رفض النصارى هذا الحوار ، أم من حديثه عن التسامح؟! والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن اشترك معه في المباهلة كادوا أن يقلبوا عاليهم سافلهم ، حتى إذا ما رأى النصارى ذلك راحوا يذعنون لواقع الجزية وما ينطوي من إذلال وصَغار بعد كل عنفوانهم وتبجحهم. الذي أظهروه قبل شروع المباهلة كما تفيد تقاطيع القصة!! إنها ليست الأولى ولا الأخيرة من أعاجيب هذا الرجل!!
* * *
ولا يتوقف الأمر عند آية المباهلة بل إننا نلحظ أن دلالة آية التطهير : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١) هي الأخرى تشير إلى نفس المواصفات التي ذكرناها ، فهي تحدد العصمة في نفس الوقت الذي تحدد فيه حقيقة الامتداد الرسالي بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فلقد تواترت رواية القوم بطرق متعددة أن الآية نزلت بحقّ الخمسة من أهل الكساء (صلوات الله عليهم أجمعين) ، ورواياتهم في هذا المجال كثيرة جداً ، وسأكتفي بذكر بعضها كأمثلة لا تعني الحصر ، فلقد روى الحاكم في المستدرك عن جعفر بن أبي طالب عليهالسلام أنه قال : لما نظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الرحمة هابطة قال : ادعوا لي ادعوا لي ، فقالت صفية (عمته) : من يا رسول الله؟ قال : أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين ، فجيء بهم فألقى عليهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كساءه ثم رفع يديه ثم قال : اللهمّ هؤلاء آلي فصل على محمد وعلى آل محمد ، وأنزل الله عزّوجلّ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال الحاكم : هذا حديث صحيح
____________________
(١) الأحزاب : ٣٣ ُ.