سبحانه وتعالى : (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً) (١) ووضوح الخطاب منطلقاً في كونه متوجهاً إلى نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد استخدم المخاطب نون التأنيث في التحدّث مع مخاطبه ، ولم يشذّ عن ذلك سوى المقطع الذي تكمن فيه آية التطهير ، فقد تحوّل الخطاب من التأنيث إلى التذكير ، وفي الوقت الذي كان الحديث في الآيات عاماً ، جاء الحديث في الآية مسبوقاً بكلمة : (إِنَّمَا) التي تفيد الحصر والتخصيص ، وفي الوقت الذي كان فيه الحديث في الآيات عن البيوت في صفة التنكير ، جاء الحديث هنا عن البيت وهو محلّىً باللام العهدية التي تفيد التخصيص والتعريف.
وقد حدث هذه المشكلة بالكثير من المفسّرين إلى اعتماد مواقف متضاربة ، فمنهم من رأى أن السياق واحد ، وأن الكلام متوجه إلى نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم متحججاً في ذلك بظاهر القرآن ، ولكنه اعتمد تفسيرات وخرج باستنتاجات لا تستطيع في أحسن الأحوال تبرير ما يلحظ من اختلاف نبرة الخطاب واتجاهه من مفردات التأنيث إلى التذكير ، فيما رأى البعض الآخر اختلاف وحدة السياق ، وأن الآية وضعت في موضعها الحالي دون أن
____________________
(١) الأحزاب : ٢٨ ـ ٣٤.